جاء تصوير شكسبير لوفاة أوفيليا غرقا في مسرحية «هاملِت» مروّعًا كما يقال لدى الحديث عن هذه التراجيديا الشهيرة. لكن المؤرخين يقولون الآن إن المنظر مستوحى على الأرجح من مأساة عائلية حقيقية مشابهة رآها شكسبير بأم عينيه عندما كان طفلا.
ويشير المؤرخون الى تقرير للطبيب الشرعي يعود الى القرن السادس عشر يكشف رابطًا مثيرًا بين شكسبير وطفلة تدعى جين شاكسبير (بالألِف) رآها غارقة في إحدى البرك، وقيل إنها لقيت حتفها بينما كانت منهمكة في جمع الزهور.
وكانت جين في الثانية من عمرها عندما عُثر على جثتها الصغيرة طافية على مياه البركة في أبتون وارين، مقاطعة وُسترشاير الانكليزية، على بعد نحو 30 كيلومترا من ستراتفورد – أبون – أفون، مسقط رأس الكاتب المسرحي والشاعر الشهير.
ويقول المؤإخون في جامعة أوكسفورد إنه من المكن أن تكون الطفلة قريبة (ابنة عم أو خال أو نحو ذلك) لشكسبير، الذي كان في نحو الخامسة من عمره لدى وفاتها في العام 1569. ومن المعلوم أن شكسبير استوحى العديد من وقائع أعماله الدرامية من تجارب مر بها شخصيا.
ولذا فإن الأكاديميين ينظرون الآن في ما يمكن ان يقدم الدليل على أن حادثة تلك الطفلة هي التي قدمت له فكرة وفاة اوفيليا غرقا. ويذكر أن أوفيليا – حبيبة هاملت - نفسها تصاب بالجنون وتنتحر غرقا (وهذا نفسه محل جدل لأن البعض يقولون إنها غرقت بدون قصد) بعدما قتل هاملت والدها بطريق الخطأ.
ونقلت «ديلي تليغراف» عن الدكتورة إيما سميث، من كلية اللغة والأدب الانكليزيين في أكسفورد قولها إن هذا التطور الأخير «مثير للاهتمام. حتى لو كان شكسبير لا يمت بصلة القربى لجين شاكسبير، فإن مجرد التشابه بين «شاكسبير» و«شكسبير» في اسميهما كفيل بأن يلصق حادثة غرقها بذهنه. وهذا يشير الى أنه لم يكتف بالتاريخ والأحداث الجسام لمواده الدرامية، وإنما استقى وقائعها أيضا من أشياء صغيرة بالمقارنة مثل غرق طفلة».
وكان النقاد يعتقدون أن شكسبير استلهم شخصية من موت كاثرين هاملت، وهي صديقة لأسرته غرقت العام 1579. لكن الدكتورة سميث تقول الآن إن هذه غرق كاثرين أيقظ على الأرجح الذكرى المدفونة في ذهنه عن غرق الطفلة جين. وتضيف: «لا نعلم الكثير عن طفولة شكسبير، لكننا نعرف أنه نشأ في أسرة شهدت وفاة ثلاثة من أخوته في طفولتهم. ولهذا فالأرجح لغرق جين – التي ربما كانت قريبته - أن يجعله مسكونا بالذكرى».
ويذكر أن غرق جان شاكسبير اكتشف على يد باحثين يدرسون تقارير الطب الشرعي في عهد انكلترا التيودورية. وقد عثروا في مشروعهم هذا على كنز من السجلات المدهشة. ويقول الدكتور ستيفن غان، من شعبة التاريخ في اوكسفورد: «هذه السجلات نافذة أيضا الى الحياة اليومية في تلك الحقبة. فقد كانت التحقيقات في أسباب الوفاة مكلفة ماليًا، ولذا فإن التقرير عن غرق جان شاكسبير يشير الى أن وفيات الأطفال كانت تحظى بالكثير من اهتمام الناس». ويضيف قوله: «أدهشنا عثورنا على التقرير عن جان شاكسبير. ربما كان الأمر من قبيل الصدفة، لكن الرابط مع وفاة اوفيليا في مسرحية هاملت فكرة مثيرة وتشحذ خيال الباحث فعلا».
0 التعليقات:
إرسال تعليق