السبت، 26 مارس 2011

رسالة إلي عماد أبو غازي...محمود قرني





تابعت بعض التصريحات التي أدلي بها وزير الثقافة الجديد الدكتور عماد أبو غازي ، ولفتني فيها كما لفت غيري ، دعوته الدءوبة إلي ضرورة تسليم شؤون الحكم لجيل جديد من الشباب عقب انتهاء الفترة الانتقالية .



لم تكن هذه التصريحات غريبة بالنسبة لي علي الأقل . فقد كنت أتحدث إلي الرجل قبل توزيره بأسبوع تقريبا ، عقب مقال كتبته في نفس المكان أتمني فيه أن يحل أبو غازي محل "رجل الدعاية" محمد الصاوي ، الذي تولي الوزارة في غفلة من الزمن ، بدعم مريب من نائب رئيس الوزراء الجديد يحيي الجمل .

كان رأي أبو غازي أنه وجيله يجب أن ينتحيا جانبا تاركين الفرصة للجيل الجديد . وقد كان لومه قاسيا للأجيال الأسبق باعتبارها قضت علي كل فرص جيل الوسط ، الذي ينتمي إليه ، في الوجود .

من جانبي كنت ومازلت أري حديث أبي غازي يحمل الكثير من التطهر ، في وقت كنت ألمح فيه تخوفه من تعاظم حجم المسئولية في لحظة دقيقة من التاريخ المصري ، و كنت أتمنى أن يكون حديثه ذاك رجع للصوت الجديد الضاغط وصاحب الحق في الوجود بعد سنوات من الإزاحة لحساب أهل الثقة من أنصاف وأرباع المثقفين فضلا عن جيوش الانتهازيين ، لكن ذلك يبدو أنه كان ضربا من الخيال.

ورغم ذلك فإن حملات التأييد لأبي غازي لم تفتر بعد . فقد بدا اختياره يمثل ، لأول مرة ، استجابة لحاجة الرأي العام داخل الفضاء الثقافي في مصر علي الأقل . ومن ثم فهو لا يمثل سلطة رسمية قدر تمثيله لفضاء عام يتشكل من نخبة لا يمكن التهوين من حجمها أو قدرها ، وبالتالي فإن موقف هذه النخبة ، في خطوطه العامة ، يعد مرجعية إلزامية علي وزير الثقافة الجديد باعتبار أن القبول به من جموع المحتجين علي الصاوي يعني توافر قدر من الشرعية في توزيره . وأظن أنه من دون هذه الشرعية لم ولن يمكنه أن يحافظ علي هذا الإجماع ، فقد انتهي الزمن الذي كانت تتحدث فيه السلطة باعتبارها قوة تفويض كهنوتية ، باعتقاد أنها تعبر عن أغلبية صامتة وجاهلة لابد أن تتلقي هبة حكامها بالمزيد من الامتثال و التقديس .

غير أن واقع الحال يدفعني ، كما يدفع غيري ، للتساؤل عن معزي الزيارة الأولي لأبي غازي بعد أدائه لليمين الدستورية ، حيث توجه من فوره ، حسبما نشرت بعض الصحف ، إلي الهيئة العامة لقصور الثقافة ، فيما بدا الأمر كنوع من الدعم لرئيسها أحمد مجاهد ، وهو الأمر الذي تم تتويجه بعد ذلك بعدة أيام ،حيث عينه الوزير رئيسا للهيئة المصرية العامة للكتاب ، وعين السيد سعد عبد الرحمن خلفا له في هيئة قصور الثقافة .

ومن حيث أن الواقع الثقافي لا يعرف عن عبد الرحمن سوي كونه شاعرا لا ينشغل كثيرا بأمر الشعر وموظفا كبيرا في الهيئة التي تسلم رئاستها ، فلا مكان إذن لتقييمه لاسيما وأنه لم يقدم شيئا يمكن مراجعته وإن ظل قرار تعيينه مدهشا وغريبا . فمن ناحية نعتقد أن الهيئة تحتاج إلي مثقف ذا وزن يمثل أملا وخيالا جديدين تلبية للزخم الثوري واستجابة لحاجة الواقع الثقافي للتغيير العميق ، ومن ناحية أخري فإن الأمر كله يناقض تصريحات الوزير عن ضرورة الاستعانة بالشباب بينما الرجل يبدو علي مشارف الستين من عمره أو ربما بلغها بالفعل .

ومع ذلك فإن الملاحظات الأولي لا تتعلق باعتراض يخص عبد الرحمن أو مجاهد ، قدر تعلقها بفهم أبي غازي لدوره . فإذا كان الرجل يتعامل مع قيادات الوزارة الراهنة باعتبارها قدرا مقدورا ، فقد أخطأ خطأ جسيما يعني أن وجوده طيلة الفترة الانتقالية سيمثل نوعا من التكريس للأوضاع القائمة وهو أمر ، فضلا عن عدم قبوله ، لن يؤدي إلا لمزيد من تعظيم أخطاء الماضي عبر الاعتماد علي عناصر يرجح الواقع أنها تمثل زمن أهل الثقة وليس أهل الكفاءة . وليس خافيا تورط عديد من القيادات في الوزارة تورطا سافرا في دعم لجنة السياسات ورموز الفساد وعلي رأسهم أحمد مجاهد ، الذي أدهشني ، بتحوله الكامل لتأييد الثورة بعد أن كان أحد أدوات الترويج لجمال مبارك ولجنته البائدة ، بنفس القدر الذي أدهشني به أن تكون أولي زيارات الوزير الجديد إلي مكتبه ، أقصد مجاهد . فلا يمكن للمرء أن يفهم مغزى زيارة ذات طابع سياسي بأبعد أو أدني من هذا ؛ كونها تعضيدا في غير محله ، يعكس دعما كاملا لسياسات هيئة قصور الثقافة تحت رئاسة مجاهد الذي مافتئ أن تم نقله رئيسا لهيئة الكتاب ، وربما يعكس رد الفعل الأولي للعاملين بالهيئة التفسير الأدق لسيرة مجاهد غير العطرة .

وإذا كانت هذه القراءة تقع موقع الصواب فإن ثمة مشكلة لن تعني أكثر من بقاء فساد وزارة الثقافة في أضابير مسئوليها انتظارا لفارس يأتي من المستقبل ، لكنه علي الأرجح لن يكون أبو غازي ، في حال مواصلته موقفه السلبي تجاه قيادات الوزارة ، وسوف أحاول هنا إيجاز بعض الملاحظات علي وضع بعض هذه الهيئات التي يجب أن تطالها ، فورا ، يد التغيير.

في البداية أود أن ألفت النظر إلي البركان الذي تتربع علي فوهته هيئة قصور الثقافة ، و المتابع لأداء الهيئة سيتأكد أن الفساد وحده هو من يديرها ، وإلا كيف يمكننا أن نفسر الآتي :

أولا : فتح بيوت وقصور الثقافة في كافة أنحاء الجمهورية لجمعية جيل المستقبل ولجنة السياسات طيلة السنوات الماضية للترويج لمشروع التوريث ، وهو مشروع كان يحظي بدعم وزير الإعلام آنذاك أنس الفقي وكذلك كان يحظي بالدعم الكامل للجنة السياسات . وعلي السيد أحمد مجاهد وعلي الجهات الرقابية أيضا أن يدلانا علي مصدر تمويل هذه الأنشطة والمبالغ المهدرة فيها ، وهل كانت جزءا من ميزانية الهيئة أم أنها وردت من مصادر أخري و ما هي طبيعة هذه المصادر ، وهل كان يليق بالهيئة أن تسخر مواردها وطاقات العاملين بها لمثل هذه الأنشطة ذات الطبيعة المشبوهة والمأجورة .

ثانيا : تسليم مجلة الثقافة الجديدة ، بعد رحيل المثقف الكبير سامي خشبة ، إلي الصحافي طارق الطاهر. ومع تقديري الشديد للطاهر علي الصعيد الشخصي ، إلا أن التساؤل هنا يتعلق بمدي جدارته بمثل هذا الموقع في ظل وجود عشرات بل مئات من المثقفين المختصين . فهل كان ذلك يعني أن مجاهد كان ينظر للطاهر علي أنه كفاءة نادرة ، أم كان ذلك ثمنا لتأمين نافذة مؤثرة ومخيفة هي جريدة أخبار الأدب التي كان ومازال طارق الطاهر أحد أعمدتها ؟

الأكثر إدهاشا أن يسلم مجاهد المجلة نفسها للصحافي عمر رضا بعد استقالة الطاهر اعتراضا علي طريقة مجاهد في التعامل معه ، فهل خلت مصر من الكفاءات المثقفة والمفكرة ، حتى تستمر هذه المهزلة ؟ !

ثالثا : ما معني إسناد مسؤولية الموقع الإلكتروني للهيئة لصحافي من جريدة الجمهورية هو يسري السيد براتب يثير حفيظة العاملين بالهيئة ، وهو أمر لابد أن يكون موضع مراجعة . فهل خلت الهيئة من الكوادر القادرة علي تولي هذا الأمر . وإذا لم يكن يوجد مثل هذا الكادر فما الذي كان يفعله أحمد مجاهد طيلة السنوات الماضية ، و ما هو إذن مردود الدورات التدريبية التي صدعت رؤوس العاملين ، والتي أنفقت عليها الهيئة عشرات الآلاف ، ألم تنجح كل هذه الدورات التدريبية في خلق عدد من الكوادر الصالحة لإدارة الموقع الإليكتروني للهيئة ، أم أن استجلاب الصحافيين تقبع خلفه أهداف أخري ؟! ولماذا الصحافيون بالذات ؟

رابعا : علي الدكتور عماد أبو غازي أن يطلب تقريرا من لجنة محايدة من خارج الوزارة عن مشروع النشر الإقليمي ليتأكد له حجم الفساد الذي يحوطه من كل جانب .

فمعلوماتي أن المئات من أدباء مصر في الأقاليم يرون أن المشروع بشكله الحالي يتعامل معهم ككتلة سياسة يجب احتوائها بمزيد من الرشاوى المادية والمعنوية . من هنا فإن مشروع النشر لا يقيم أدني اعتبار لمعيار القيمة ومن ثم اختلط حابل الفن بنابله ، وضاعت الأعمال الرفيعة والموهوبة لهؤلاء الأدباء وسط ركام من الأعمال الضعيفة والمتهافتة ، لأن الهدف الأساسي لم يكن هو الكشف عن المواهب العميقة والمتجذرة بقدر ما كان بحثا عن طريقة مثلي لإسكات الجماعة الثقافية في كافة أقاليم مصر . أيضا علي الدكتور أبو غازي أن يطلب قوائم بأسماء لجان القراءة التي ترشح هذه الأعمال للنشر ، ولماذا هي ثابتة لا تتغير ، هل لأنها تنفذ التعليمات الرقابية بصرامة ، أم لأنها تشجع علي تعظيم سياسة ضرب جيد الفن برديئه ، أم أن هناك أسبابا أخري ؟

خامسا : الأمر نفسه ينطبق علي مؤتمرات الهيئة بما فيها مؤتمر أدباء مصر . وقد ساء حظي وحضرت فعاليات الدورة قبل الماضية التي انعقدت في محافظة الإسكندرية . كان المؤتمر يمثل فضيحة ثقافية بكل المعاني ، و كان الشغل الشاغل لرئيس الهيئة هو كيفية إرضاء الصحفيين بتمييزهم علي بقية الضيوف بطرق شديدة الفجاجة أساءت لكل الحضور وكان بينهم رموز مؤثرة آلمتها كثيرا تلك الإهانات . ويبدو أن مجاهد كغيره من مسئولين كثر مروا علي وزارة الثقافة ، ففعاليات أي مؤتمر في نظر هؤلاء تنجح فقط عندما يقول الإعلام أنها نجحت بغض النظر عن مدي مطابقة ذلك للحقيقة .

من هنا فإن مجاهد ، في رأيي ، لم يكن ليستحق زيارة تعضيد من وزير الثقافة الجديد ، بل إن ما يستحقه فعلا هو قرار إقالة ، مع إحالته للنائب العام .

وأعتقد أن أبي غازي يعلم أن مجاهد أتي إلي الهيئة باعتباره واحدا من أهل الثقة وليس كواحد من أهل الكفاءة ، وليس عندي أبلغ من تعليق الدكتور محمود إسماعيل الذي كان أستاذا لمجاهد في جامعة عين شمس عندما قال موجها حديثه لمسئولي وزارة الثقافة : سنترك لكم مجاهد ، علي الأقل سنستريح من التقارير التي دأب علي كتابتها في زملائه منذ أن كان طالبا حتى أصبح أستاذا !!
سادسا :الأمر نفسه ينطبق علي الهيئة المصرية العامة للكتاب التي كان يتولي أمرها الدكتور صابر عرب ونائبه حلمي النمنم رغم أن الأول لازال رئيسا للهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية . والدكتور عماد أبو غازي يعلم حجم التردي الذي وصلت إليه الهيئة بعد اختصارها في مشروع مكتبة الأسرة ، وبعد التردي الذي وصلت إليه تقنية صناعة الكتاب في مصر بفضل الفساد الذي عشش في أضابير الهيئة منذ عهد سمير سرحان . فظني أن دور الهيئة أكبر وأعمق من مشروع مكتبة الأسرة الذي قضي علي فرص تقديم الأجيال الجديدة لحساب إعادة إنتاج الماضي ، رغم أهمية العديد من الإصدارات التي أعاد المشروع طرحها للقراء ، لكن مصر ليست الماضي وحده . لذلك أقترح عليه أن تستقل إدارة مشروع مكتبة الأسرة عن هيئة الكتاب ، حتى تعود الهيئة لدورها ، ويجب أن يكون علي رأس أولويات أبو غازي تعيين رئيس جديد للهيئة ، وإعادة النظر كلية في إدارة النشر بها بعد أن تم تدميرها علي يد أهل الثقة الذين تولوا أمرها عبر السنوات العشر الماضية ، وبعد أن انتهي أمرها ،بكل أسف ، إلي أحمد مجاهد .

سابعا : كذلك لابد من إعادة النظر في كل المجلات التي تصدرها الهيئة وعلي رأسها مجلة إبداع التي يترأسها الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي ، وهي أولي المجلات التي تستحق قرارا فوريا بإيقافها عن الصدور .

فقد خاض حجازي معركة طويلة بمجلته امتدت ست عشرة سنة لصالح النظام البائد يحارب من أسماهم بالظلاميين . وهي معركة يعلم القاصي والداني أنها كانت مدفوعة الأجر من أجهزة الدولة الرسمية وكان جهاز أمن الدولة علي رأس هذه الأجهزة .

ولست بطبيعة الحال أقف في طابور السلفيين ، لكن مثل هذه المعركة كان علي حجازي أن يخوضها لصالح التعدد والديمقراطية وليس لصالح تعميق ديكتاتورية النظام الفاشي الذي حكمنا ثلاثين سنة بتواطؤ مثقفي السلطان وعلي رأسهم أحمد عبد المعطي حجازي .

إن الثقافة المصرية تفتقر إلي مجلات ثقافية تعبر عن لحظتنا الراهنة التي سيعجز حجازي وغيره عن مطاولتها بكل تأكيد ، والأمر نفسه ينطبق علي الكثير من مجلات الهيئة .

ثامنا : حل جميع لجان المجلس الأعلى للثقافة بما في ذلك لجنته العليا وإعادة تشكيل جميع هذه اللجان بما يتواءم مع المرحلة الجديدة ، بهدف الدفع بأكبر عدد ممكن من الأجيال الجديدة من الباحثين النابهين والمبدعين المجيدين والتخلص من الأصنام التي دفعت حياتنا إلي جحيم التكلس والموت السريري ، وأظن أن تشكيل لجنة الشعر خير دليل علي فساد تشكيل هذه اللجان ، وهي أولي اللجان التي يجب أن يصدر قرار بحلها ، ولا أظن بقية اللجان بأحسن حال .
تاسعا : إعادة النظر في أنشطة مراكز الإبداع ومن يديرونها ، وعلي رأس هذه المراكز "بيت الشعر " . وقد كان الوزير الجديد عضوا بمجلس أمناء البيت وسبق له أن أقر بحجم العراقيل التي يضعها مجلس الأمناء برئاسة أحمد عبد المعطي حجازي في طريق الأجيال الجديدة . ويعلم أن استقالتي من مجلس أمناء البيت كانت بسبب من هذه الممارسات الرديئة المتسمة بالكثير من التسلط والفساد .
أظن هذه الإصلاحات أكبر من كونها مجرد ملاحظات ، وأعتقد أن جدارة أبي غازي بموقعه لن تتأكد لدي العامة والخاصة إلا بوضع هذه الملاحظات موضع التنفيذ الفوري دون تردد أو إبطاء ، وإلا سيتحرك المثقفون المصريون لينجزوا هذه الإصلاحات الحتمية بأنفسهم ، فالطريق لم تعد بهيمة علي أحد .

الجمعة، 25 مارس 2011

معرض أبوظبي للكتاب يفتح افقاً معرفياً لعام مقبل

فتح معرض أبوظبي الدولي للكتاب افقاً معرفياً لعام مقبل بعد ستة أيام من النشاط المعرفي والحواري في اروقته التي جمعت عشرات الكتاب والمؤلفين والمفكرين من انحاء العالم، وبمشاركة 875 داراً للنشر من 58 دولة.

وتضمن البرنامج المصاحب للمعرض في الدورة الحادية والعشرين الذي نظمته هيئة ابوظبي للثقافة والتراث والذي اختتم الاحد، أكثر من 200 فعالية في دورة أعتبرت الأهم في تاريخ معرض أبوظبي.

وقال محمد خلف المزروعي مدير عام هيئة أبوظبي للثقافة والتراث أن المعرض نجح في مواكبة الحضور الإقليمي والدولي اللافت والمتنامي في جميع الأصعدة لحكومة أبوظبي ودولة الإمارات، وانضم خلال السنوات الخمس الماضية إلى ربيع أبوظبي الثقافي وتصدر المشهد الثقافي في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط كجزء أساسي من استراتيجية شاملة تبنتها هيئة أبوظبي للثقافة والتراث تسعى لجعل هذه المدينة النابضة بالحياة ملتقى لثقافات الشعوب وأفكارها.

وأضاف ان الناشرين عرضوا هذا العام ما يزيد عن نصف مليون عنوان كتاب مشيرا الى ان المعرض بزواره الذين يتجاوز عددهم الـ 200 ألف زائر يشهد على نهضة حقيقة نخبوية وشعبية أدبية وثقافية وعلمية وفكرية.

شعار المعرض

وأوضح أن معرض أبوظبي الدولي للكتاب ليس سوقا عصرية لشراء الكتب وحسب بل محطة لقاء للناشرين والمبدعين وهو أيضا شهادة على الوعي المتزايد بأهمية سوق الكتاب العربي وكذلك أهمية حقوق النشر والملكية الفكرية بعد أن كانت معارض الكتاب في عالمنا العربي تقتصر على بيع وشراء الكتب وحسب يؤكد معرضنا على أن التواصل الثقافي من خلال الندوات واللقاءات التي تعقد على هامش المعرض لا تقل أهمية عن اقتناء الكتاب ومطالعته.

وقال جمعة القبيسي مدير معرض أبوظبي الدولي للكتاب "في الوقت الذي اجتزنا فيه 21 عاما ناجحا، فإننا نفخر بتاريخ معرض أبوظبي الدولي للكتاب وإنجازاته وسمعته، ظل المعرض يمثل منصة لصناعة النشر في العالم العربي، باعتباره نقطة التقاء للناشرين العرب لعرض إبداعاتهم والتواصل مع نظرائهم في العالم، مقدمين ما في منطقتنا من إمكانات يمكن عرضها. ومع أكثر من نصف مليون عنوان وكتب بلغات مختلفة، بات معرض أبوظبي الدولي للكتاب تظاهرة تجمع بين أفضل الفرص المتاحة للتجارة والتواصل في أوساط الأعمال وتفسح المجال أمام الجمهور للوصول إلى الكتب وقراءتها".

من جانبها، قالت مونيكا كراوس، المدير العام لشركة كتاب المنظمة للمعرض "كان معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2011 تظاهرة فريدة ومكانا حقيقيا لالتقاء الشرق بالغرب، والشمال بالجنوب".

وأجمع ناشرون ومشاركون في فعالية الدورة الحادية والعشرين من معرض أبوظبي الدولي للكتاب على احالة "الرقيب" على التقاعد، وعدم مصادرة أي عنوان من الكتب في الفكر والأدب والعلوم.

وقال مجموعة من الناشرين لميدل ايست اونلاين "انهم عرضوا كتبهم بحرية تامة مثلما رزموها من بلادهم من دون ان يصادر ان عنوان".

وقدم الناشرون قائمة بعنوان الكتب قبل عرضها على الهيئة المنظمة للمعرض التي لم تحجب اي عنوان.

ويركز المعرض على حقوق النشر الذي يُعد الأول من نوعه في العالم العربي، وعلى تفاصيل وشروط عمليات شراء حقوق النشر وبيعها في إطار صناعة الكتاب العالمية.

كما يعتبر الدعم المتواصل لمنحة حقوق النشر، مبادرة "إضاءة على حقوق النشر"، شهادة على الاعتقاد الراسخ لدى هيئة أبوظبي وشركة "كتاب" بضرورة الالتزام بهذه الحقوق.

في وقت أعلنت إدارة معرض أبوظبي الدولي للكتاب عن إغلاق جناحي داري نشر سعودية، وأخرى أميركية، وذلك لورود شكاوي بشأنهما عن مخالفات لقوانين الملكية الفكرية.

رنا إدريس مديرة دار الآداب اللبنانية

وقال جمعة القبيسي نائب المدير العام لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث لشئون دار الكتب الوطنية، ومدير معرض أبوظبي الدولي للكتاب، إنه وردت شكاوى إلى إدارة المعرض حول مخالفة الدارين قوانين حقوق الملكية الفكرية، وتم التدقيق في هذه الشكاوي والتأكد من صحتها.

وأشار إلى أن الدار الأولى تستخدم في أحد إصداراتها صور دون الحصول على حقوق استخدامها وهو ما يمثل تعديا على حقوق الملكية الفكرية ومخالفة شروط الاشتراك في المعرض، بينما جاء إغلاق الدار الثانية لأسباب قانونية تتعلق بأحقيتها لتمثيل دار نشر أخرى.

وفاجأ مشروع "كلمة" للترجمة التابع لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث المتابعين عبر إصدار نشرة تنبه الى دور الترجمة الذي يقوم به مشروع "كلمة" والجديد من اصداراته وأهم المترجمين والخطط المستقبلية للمشروع الذي يكاد منذ انطلاقه قبل ثلاثة أعوام اصدار كتاب مترجم كل خمسة ايام.

وكشف العدد الثالث من نشرة "كلمة" الذي وزع في معرض أبوظبي الدولي للكتاب، عن أعداد وأرقام تظهر ما توصل إليه المشروع من إصدارات وقوائم مترجمين وعدد اللغات التي ترجم عنها وعدد الناشرين وموضوعات الكتب التي نقلت الى العربية وأعداد نقاط التوزيع محلياً وعربياً.

واشار الدكتور علي بن تميم مدير مشروع "كلمة" للترجمة، الى أهمية هذا الإصدار في معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الحادية والعشرين كونه يعطي صورة حيوية وشاملة عما توصل إليه المشروع من إنجازات.

وأكد ان "هذا الاصدار يسلط الضوء عن حركة الترجمة في العالم العربي وموضوعاتها ومواقعها خاصة وأن المشروع يأتي في سياق ما بعد التأسيس بعض مضي 3 سنوات عن إطلاقه، بمعنى أن أرشيفه الثقافي المتصل بالترجمة قد تأسس على نحو أصيل وثقافي مما يمكن المشروع أن يطلق الإحصاءات والأرقام والدراسات المتعلقة بأعداد الكتب المترجمة للعربية وقوائم المترجمين ومواقف القراء واستجاباتهم للكتب التي ترجمها المشروع ومن بينهم كان الأرشيف حيويا ويصلح لينقل الى القارئ في السياقات الإعلامية".

محمد خلف المزروعي يشارك في حفل توقيع الكاتب رشيد الخيون

شهدت فعاليات الدورة الحادية والعشرين لمعرض ابو ظبي الدولي للكتاب توقيع عدة اتفاقيات بين هيئة ابو ظبي للثقافة والتراث ومعهد فرنسا شملت احداها كتاب "في بلاد تيتو" اكبر كتاب يدخل الطفل بداخله لقراءته.

ولا يحمل الطفل كتاب "في بلاد تيتو" بين يديه لكي يقرأه بل الكتاب الذي يحمل الطفل بين دفتيه اذ يستطيع القارئ الصغير حرفيا الجلوس داخل هذا الكتاب أثناء القراءة في تجربة مختلفة تماما عن المألوف في كتب الاطفال العربية.

ويبلغ طول كتاب "في بلاد تيتو" زهاء 94 سنتمترا وعرضه 35 سنتيمترا يقدم في شكله ومضمونه عالما جديدا للطفل مصطحبا اياه في رحلة من الالوان والكلمات والسحر الى بلاد "تيتو".

ويصور الكتاب ذلك الصبي الذي يدافع عن شخصيته الطفولية امام عالم الكبار ممن نسوا طفولتهم وتحولت الحياة بالنسبة اليهم إلى مجموعة من القواعد والاوامر والنواهي. فتيتو لا يحب الكلام وهذا ما يقلق اهله وكل المحيطين به وعندما يلاحقونه بالاسئلة والتقريع يهرب الى عالمه السري الجميل الى بلاده الخاصة الى اصدقائه السناجب والغيمات والفراشات وهي بلاد اكبر من ان يستوعبها الكبار.

وقامت بتاليف النص الشعري كلودين غاليا التي تميز اسلوبها بالقرب الى طريقة كلام الاطفال في براءتها وبساطتها وفي سعيها الى رسم مخيلة الطفل والامور التي تشغل تفكيره والطريقة التي يتفاعل فيها مع العالم من حوله.

وانجزت رسومات الكتاب جويل دوينكل التي استطاعت ان تصور العالم الداخلي للطفل وكيف يرى الكبار المحيطين به. وقد ساعد الحجم الاستثنائي للكتاب على اظهار جمال هذه الرسوم حتى جاءت كل واحدة منها بمثابة لوحة فنية في حد ذاتها.

وترجمت الكتاب ضياء حيدر التي لها عدد من الترجمات الخاصة بالاطفال منها "زيبولين الصغيرة" و"ستروم" و"سلاحف بوليلنغا" و"الملكة" وغيرها.

واحتفت جائزة الشيخ زايد للكتاب بالمستشرق الصيني تشونغ جي كون الفائز بفرع جائزة شخصية العام الثقافية الذي تحدث عن الاستشراق وتاثيره في الثقافات الاخرى.

وادار اللقاء الذي اقيم في منبر الحوار ضمن فعاليات معرض ابوظبي للكتاب زكي نسيبة عضو اللجنة التنفيذية للجائزة نائب رئيس مجلس إدارة هيئة أبوظبي للثقافة والتراث الذي نوه بالعلاقات التاريخية بين الصين والعالم العربي.

مشاركة من ثقافات مختلفة

وتحدث تشونغ عن حبه للغة العربية وشغفه بها لافتا الى دراسته للغة العربية في كلية اللغات الشرقية في العام 1961.

واشار الى ان اللغة العربية تدرس في مدارس ومعاهد كثيرة متخصصة في اللغة العربية في الصين موضحا أن اللغتين العربية والصينية من أصعب اللغات في العالم.

ونوه تشونغ بالمكانة المتميزة للرواية العربية في الوقت الراهن، مستعرضا سيرة بعض الشعراء العرب الذين كان لهم دور كبير في اثراء المشهد الثقافي العربي مثل أبو العلاء المعري والمتنبي وزهير بن سلمى وعمر بن أبي ربيعة وأحمد شوقي وصلاح عبدالصبور وغيرهم.

وقال في اجابة على سؤال "لميدل ايست اونلاين" انه سبق وان ترجم قصائد الشعراء العراقيين معروف عبد الغني الرصافي وعبد الوهاب البياتي وسعدي يوسف بعد ان زار العراق نهاية الثمانينات من القرن الماضي للمشاركة في مهرجان المربد الشعري.

وأكد انه يعيش حياة بسيطة في الصين وان الجائزة نزلت عليه أشبه بمثل صيني يقول "ان السماء انزلت علي رغيفاً محشوا".

وقال "قبل تأسيس جمهورية الصين الشعبية لم تكن اللغة العربية تدرس، كما هو الحال بعد تأسيس الجمهورية، إذ أصبحت تدرس في المعاهد والجامعات بشكل أوسع نطاقا في العام ‬1946. حيث تأسست حينها مدارس كثيرة لتعليم اللغة، وهناك ما يقارب ‬30 جامعة ومدرسة ثانوية في الصين اليوم، تدرس فيها اللغة العربية".

واوضح "هناك العديد من النقاط المشتركة بين الثقافة العربية والصينية، خاصة وأنهما تمتلكان عمقا حضاريا في التاريخ، إذ كانتا الأبرز في العصور الوسطى.. ولولا الحضارة العربية الإسلامية، لما كانت هناك نهضة غربية اليوم". كما أكد على ضرورة الاهتمام بالثروة الفكرية لدى العالم العربي.

وعبرت الكاتبة الاميركية سيلفيا نصار عن املها في تجد صحافيين في المستقبل يكتبون في الطب والهندسة والرياضيات وعلوم الحياة ولا نكتفي بصحفي يحمل هذا الاسم فقط.

الشعر النبطي كان حاضرا

وقالت أثناء حديث معها في معرض أبوظبي الدولي للكتاب اداره ميغيل سوسا لوبو استاذ علوم القرار في الجامعات الاماراتية، اننا نتوق لأن نرى صحفيا جاء من الطب أو الهندسة أو الرياضيات لهذه المهنة "الجميلة".

وتناولت نصار ما يشبه "السيرة الكتابية لكتابها عقل جميل" الذي تحول الى فيلم سينمائي قام باداء البطولة فيه راسل كرو.

ويروي الكتاب قصة حياة عالم الرياضيات الأميركي جون ناش.

وأكدت نصار التي رشحت لجائزة بوليتزر أن أهم ما واجهها خلال إعداد الكتاب هو التواصل مع ناش نفسه، حيث إنه عاني لفترة طويلة من مرض عقلي رغم عبقريته، ثم حصوله لاحقا على جائزة نوبل العالمية كواحد من أبرز العلماء في القرن العشرين.

وقالت أن أصعب ما في تجهيز الكتاب هو البحث عن قصة تروى، خصوصا أن الأمر كان في البداية أشبه بوجود "مفهوم" وليس قصة فعلية تروى.

وأشارت إلى أن محررة كتابها لفتت ذهنها إلى وجود محاور يتحرك فيها الكتاب، أهمها: سر الإبداع البشري، والدراما، والحب، مما ساعدها على تلمس طريقها في إنجاز الكتاب.

وتحدثت نصار بلتقائية وسعادة مفرطة عن كتابها، كما كان المدهش في الامر الاسئلة التي توالت عليها من جمهور المعرض الاجانب والصغار في العمر عن علاقتها بالرياضي ناش وكيف تواصلت معه.

وتجمع جمهور معرض ابوظبي الدولي للكتاب تاركين التسوق على صوت إنشاد الشاعر ومدير بيت الشعر التونسي المنصف المزغني وهو "يغني" قصائده بولع شعري نادر، وبصوت يتصاعد ويتماوج مع العمق الحسي والساخر للكلمات.

وقرأ المزغني الذي يعد من بين أهم شعراء جيل السبعينيات في تونس والوطن العربي في الامسية التي قدمتها الصحفية ايناس العباسي، مجموعة من القصائد القصيرة اللاذاعة في محاولة لـ "سرقة وقت الناس" حسب تعبيره!

وتوافد الجمهور على الصوت المرتفع من احدى اركان المعرض، في حين بدأت الامسية بعدد محدود من الحاضرين، حتى احتشد الجمهور بعدد لم يحدث مع أي شاعر آخر في فعاليات المعرض المتواصل في العاصمة الأماراتية.

وقال المزغني في اجابة على سؤال "ميدل ايست اونلاين" حول جدوى القصيدة الساخرة والقصيرة، وهل تهدف الى متعة ما؟ "انه يسعى لسرقة وقت الناس في هذه النصوص حتى يقنعهم بالاستماع اليه أو قراءة نصه، وانه رغم اللذعة الساخرة في هذه القصائد فقد كتبها بمعاناة وليس بفرح كما توحي اجوائها".

ونظم صالون "الملتقى" الأدبي في جناحه بمعرض ابوظبي للكتاب ندوة تستحضر الذكرى المئوية للأديب المصري الراحل نجيب محفوظ تحدث فيها الأديب الجزائري واسيني الأعرج والناشرة اللبنانية رنا إدريس والناقد صلاح فضل والمترجم محمد سلماوي

وقال الكاتب الجزائري واسيني الأعرج ان الخط الأساسي في روايات نجيب محفوظ هو الحرية والتأمل وإضافته مفهوما جديدا للرواية التاريخية.

وتطرق إلى لقائه الوحيد بمحفوظ في سفينة صغيرة على النيل قائلا "كان هذا قبل وفاته بعامين ولفتني وقتها طريقته في التدخين وكيف كان يمسك السيجارة في يده وكأنه شاب في العشرينات، كما لفتتني يده لأن اليد علامة الإبداع فالكاتب يكتب بيده عن ذات النقطة".

وتحدثت رنا إدريس من دار الآداب عن رواية "أولاد حارتنا" التي صدرت عن الدار.

وجوه ثقافية لكل العصور!

كهَّان الأمس هم كهَّان الثورة

لا أحب عبادة الأصنام.. أو تقديم القرابين لها.

لا أحب كهنة المعابد الذين يمتلكون وحدهم الحقيقة المطلقة، أو كهنة المثقفين الذين ظلوا يسبحون بحمد الطاغية وأشاعوا الدجل والخرافة لثلاثين عاما ثم عادوا ليلبسوا كهنوت الثورة ويتحدثوا باسمها.

قد يتساءل البعض عن أهمية وجدوى الشأن الثقافي المصري في ظل الحراك السياسي الذي تشهده بلادنا ودول المنطقة، والإجابة أن صناعة الطواغيت التي برعنا فيها تمت على أيد هؤلاء الشرذمة من المثقفين الذين ساروا في ركاب السلطة ونعموا بموائدها الفاخرة، وتقلدوا كل الأدوار، وحجبوا الفرصة عن أجيال وأجيال ضاعت وأضاعت معها الأوطان.

فبدلا من أن يصبح المثقفون ضمير الأمة باتوا ضمير مؤسسة الفساد الكبرى التي حطت بخيوط العنكبوت على كل بقعة في أرض هذا الوطن.. فقتلت الإبداع وهمشت المبدعين خارج إطار المؤسسة الفاسدة.

وكنت أستعيد موقف المثقفين المصريين الفاتر من تعيين فنان محدود الموهبة وزيرا لثقافة مصر بقى يجثم على أنفاسها لعشرين عاما وزرع في أرضها كل بذور الفساد، وأقارن بين رد فعلهم الغاضب على تعيين الصاوي وزيرا للثقافة وعدم منحه فرصة التعبير عن رؤيته ثم ترحيبهم بصعود د. عماد أبو غازي من رئاسة المجلس الأعلى للثقافة إلى مقعد الوزير.

وكأنهم يتواطؤون لصالح النظام الثقافي القديم ولن يعطوا الفرصة لتغيير ما.. (ليس المقصود هنا الدفاع عن الصاوي كاسم قد يصلح أو لا يصلح، إنما فكرة الاستعانة بأحد من خارج المؤسسة قد يغير دائرة المستفيدين من الوزارة وقطاعاتها بعد أن أصبحت الأمور تقاس بعلاقة المثقف الشخصية بمن يتولى الوظيفة العامة.. فكرة تكرس تماما لما قامت ثورة 25 يناير للقضاء عليه).

وفي إطار لعبة الكراسي الوظيفية التي احتكرها مثقفو السلطة يخرج علينا أبوغازي بإحدى أعاجيبه فينقل رئيس هيئة قصور الثقافة (رغم كل الانتقادات التي وجهت له بهيئة قصور الثقافة) رئيسا لهيئة الكتاب، وكأن مصر عقمت منذ تولي فاروق حسني ليظل رجاله يجثمون على جسد وروح الثقافة المصرية.

بينما غالبية قيادات قطاعات الوزارة كان يجب أن يحاكموا عما فعلوه من إفساد ثقافي؛ سواء في المجلس الأعلى للثقافة الذي كان عقل الوزير فاروق حسني وساعده، والذي شوه جوائز الدولة والذي استبعد كل المثقفين الشرفاء من لجانه وغيَّب متعمدا الأدباء والمثقفين في الأقاليم وكأنهم ليسوا من هذا الوطن!

كما يكفيه فسادا منح التفرغ، ويكفي أن هذه المنح كانت تمنح بعلاقة مع صغار الموظفين ويحرم منها من لا يهادن أو ينافق. لا فرق في هذا بين عهد جابر عصفور أو عهد عماد أبوغازي. أما هيئة الكتاب فتوارى دورها لصالح دور النشر الخاصة، وأصبح مشروع مكتبة الأسرة سبوبة تمنح لقيادات صحفية تعمل لصالح نظام مبارك بينما يحرم من المشروع أغلب الأدباء والكتاب.

أما ما يخص صندوق التنمية الثقافية، فكثير من ملفاته تحتاج إلى تحقيقات جنائية، كما هو الحال في هيئة الآثار. طبعا هناك أيضا المجلس القومي لثقافة الطفل إن كنتم سمعتم عنه.

أما بخصوص هيئة قصور الثقافة فحدث ولا حرج، وتساءل كما تشاء عن ميزانيات مشروع القراءة للجميع، وأين كانت تذهب ولمن تمنح مكافآتها، وتساءل كما تشاء عن باقي الأنشطة؟!

أما المشروع القومي للترجمة، فقارن بينه وبين مشروع "كلمة" للترجمة بأبوظبي، ولا تخدعك فكرة الكم التي يراهن عليها المسئولون في بلادنا.

رحل وزير وجاء آخر.

ليس لمجرد أن نغير اسم الوزير.

ولكن لنغير سياسة وزارة أضاعت الثقافة المصرية لثلاثين عاما.

ألا يليق بهؤلاء الكهنة أن يفعلوا شيئا حقيقيا لصالح ثقافة هذا الوطن، بدلا من أن يتلاعبوا بالألفاظ، ويصبح كهَّان الأمس هم كهَّان الثورة ولن يتغير شيء أكثر من تقديم القرابين لوجه جديد.

هل عقمت مصر من الإسكندرية إلى أسوان وحلايب وشلاتين، من سيناء إلى مرسى مطروح لتظل هذه الوجوه جاثمة فوق صدورنا.

سياسة خطوات السلحفاة التي اتبعها نظام مبارك السابق، يعيد إنتاجها لنا من جديد د. عماد أبوغازي وزير ثقافة مصر في حكومة ما بعد الثورة.

ولا يظن أحد أنني أتعجل في الحكم عليه.. لأن إرادة الإصلاح والتغيير تبدأ بفكرة وحلم لم يخايل هؤلاء الكهنة، ولا تحتاج أن نصبر لثلاثين عاما أخرى.

فالإصلاح لن يبدأ إلا بتغيير تلك الوجوه.

والأمر لا يحتاج إلا إلى قرار لا أظنه سيصدر أبدا من هؤلاء السدنة.

أحمد طوسون ـ أديب مصري

الثلاثاء، 22 مارس 2011

قصيدة للشاعرة الراحلة وفاء وجدي

الشاعرة المصرية وفاء وجدي

القاهرة: رحلت عن عالمنا أمس الأول الشاعرة وفاء وجدى وذلك بعد معاناة مع المرض، وبعد حياة حافلة أصدرت فيها سبعة دواوين شعرية، وشاركت في العديد من الندوات الأدبية والملتقيات الشعرية داخل مصر وخارجها.

ولدت الشاعرة الراحلة عام 1945 بمدينة بورسعيد، وهي حاصلة على بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية، نشرت شعرها في مجلات الآداب البيروتية, والمعرفة السورية, والأقلام العراقية, وبعض الصحف العربية.

صدرت لها الدواوين الشعرية التالية: ماذا تعني الغربة 1967، الرؤية من فوق الجرح 1973، الحب في زماننا 1980 ، الحرث في البحر 1985 ، رسائل حميمة إلى الله 1986 ، ميراث الزمن المرتد 1990, ومسرحية شعرية بعنوان: بيسان والأبواب السبعة 1984.

حصلت على المركز السادس من عشرين في مسابقة لرسوم الأطفال, وعلى جائزة الدولة التشجيعية في الشعر 1987, وجائزة تقديرية من مهرجان كافافيس للشعر 1991.

من قصيدتها "السيف والكلمات" نقرأ:

ينهار كل قائم على افتراء ..

القول والبنيان وانقضاضة المساء

وترحل الغربان والأفاعي تـنـزوي إلى الجحور

لو أننا نثور..

نقول لا..

لو ننشب المخالب المدببه

في جوف صَمْتِنا العتيد

نمزق القشور والحجاب

عن وجه (لا).

نحرِّك السكون

نستخلص العقل من الجنون.. ونقشع الضباب

ونفتح الأبواب

وتمرق الحياة حولنا بلا قناع

وتغسل الضياء هذه الشوارع الملوثه

بالصمت, بانحناءة الرقاب

يغسلها بـ (لا).


قصور الثقافة تتقدم ببلاغين ضد أحمد مجاهد

أحمد مجاهد

محيط - سميرة سليمان

القاهرة: قدم عدد من العاملين بالهيئة العامة لقصور الثقافة بلاغا إلي النائب العام برقم 4530، وبلاغا آخر إلي النيابة الإدارية برقم 1084 حول ما أسمته بـ"المخالفات المالية والإدارية للدكتور أحمد مجاهد رئيس الهيئة السابق".

والبلاغان مدعومان بعدد هائل من المستندات المرفقة، وقد طلب العاملون التحقيق واتخاذ التدابير اللازمة والمساءلة القانونية لكل من أحمد مجاهد، وعلي شوقي رئيس الإدارة المركزية للشئون المالية والإدارية.

ضم البلاغ عدة وقائع منها: إسناد عملية مطبوعات وإصدارات السلاسل الأدبية التي تصل قيمتها إلي أربعة ملايين جنيه إلي شركة الأمل للطباعة والنشر بالأمر المباشر، وذلك بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1998.

كذلك التعاقد علي طبع جريدة "مسرحنا" بمبلغ ستة ألاف جنيها للعدد الواحد، ولم توزع الجريدة سوى 200 نسخة من أصل ثلاثة ألاف نسخة، مما دفع رئيس تحريرها إلي طلب بيع المرتجع وعدده 2500 نسخة والتي ملأت مخازن الهيئة بالكيلو، مما شكل إهدارا للمال العام.

كما شمل البلاغ "قيام الدكتور أحمد مجاهد بمجاملة بعض من أصدقائه ليكونوا أدواته بتعيينهم في وظائف بدرجة مدير عام بعد تقديم استقالة صورية ودون اسيتفاء المدد البينية، ومنهم علي سبيل المثال محمد أبو المجد شاغل والذي عين في وظيفة مدير عام الثقافة العامة بالهيئة، وكذلك السيدة إيمان عقيل شاغلة لوظيفة من الدرجة الثانية بالمركز القومي لثقافة الطفل وتقدمت باستقالة صورية وعينت في وظيفة مدير عام العلاقات العامة بالهيئة" ، بحسب البلاغ.

ومن التجاوزات التي يذكرها البلاغ كذلك تفويض السيد علي شوقي في ممارسة اختصاصات رئيس الهيئة رغم إحالته إلي المحاكمة التاديبية في القضية رقم 34 لسنة 2005، وتم الحكم عليه بتوقيع عقوبة اللوم في 21/1/2009وكذلك إحالته إلي المحاكمة التأديبية في القضية رقم 48 بتاريخ 23/6/2008.

كما أعلنت الهيئةعن ممارسة عامة لشراء 20 آله تم ترسية العملية علي الشركة العربية للتصنيع بشراء الالة 5300 جنيها، ولكن رئيس الهيئة الدكتور أحمد مجاهد ألغي الممارسة العامة وقام بشراء عدد 6 آلات من شركة مصر والشرق الأوسط 14900جنيها والقيمة الاجمالية 89400جنيها مع مافي ذلك من اهدار فادح للمال العام.


بان كي مون في الساقية: نتطلع لبناء الهرم الرابع في مصر


بان كي مون في ساقية الصاوي

"لقد تغيرتم ودخلتم في عالم جديد، انتهى عصر وبدأ آخر بعد أن استيقظت روح الشعب، ليصبح هو صوت التغيير لمستقبل مصر"، هكذا بدأ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون كلمته التي وجهها للشعب المصري أمس في ساقية عبدالمنعم الصاوي .

حضر اللقاء عدد من مسئولي الأمم المتحدة والقيادات الدينية من بينهم مفتي الجمهورية الدكتور علي جمعة والداعية الإسلامي عمر خالد ومعز مسعود وعدد من رجال الدين المسيحي من مختلف الطوائف وممثلي المجتمع المدني

أثنى كي مون على ما حدث في ميدان التحرير، وانضمام كافة فئات الشعب إلى الميدان من أجل التغيير، قائلا: ولذلك أعلن من هنا "أننا جميعا مصريون"، وإذا كان الفراعنة قد عملوا على بناء مصر القديمة، فنحن نحن نتطلع إليكم اليوم لتكونوا مصدر إلهام لنا، عبر بناء هرم رابع جديد هو هرم الديمقراطية في العالم العربي.


وعن سبب زيارته للقاهرة يقول الأمين العام أنه أتى لكي يدلل على تضمانه والأمم المتحدة مع شعب مصر، قائلا: " جئت لكي أنصت إلى طموحاتكم وأمانيكم وأستمع إلى قلقكم، حول ما الذي تتوقعونه من الأمم المتحدة أو المجتمع الدولي، من أجل مساعدتكم للوصول إلى الديمقراطية المنشودة".

مطمئناً المصريين أن هذه الديمقراطية مملوكة للشعب وحده، فلا يستطيع أحد التدخل في شئونه الداخلية أو السياسية، وأن دوره فقط من أجل تقديم المساعدة، فالأمم المتحدة لديها خبرات واسعة فيما يخص إجراء الانتخابات، وإعداد الدستور من أجل تحقيق سيادة القانون.

مصر وكوريا

امتدح بان كي مون النصر الذي حققه المصريون، واصفاً إياهم بالشجاعة في مواجهة الظلم والانتصار عليه، والمطالبة باستعادة الحقوق والكرامة المفقودة، مشيراً إلى أن هذا ما حفزه لزيارة مصر للاجتماع معاً حول شعار "من أجل بناء مستقبل أفضل لشعب مصر"، متذكرا أرواح الشهداء ومطالباً بأن يقف الحضور دقيقة حداد.

وأشار الأمين العام إلى اجتماعه برئيس المجلس العسكري المشير طنطاوي، ورئيس الوزراء ومسئولين آخرين، موضحاً أنه طالبهم بالاستماع إلى مختلف أصوات المجتمع، وإنهاء حالة الطوارئ قبل الانتخابات، مؤكدا على ضرورة عقد انتخابات عادلة ونزيهة، طبقا لخريطة طريق متفق عليها مسبقاً، فضلاً عن حوار وطني شامل يغطي كافة الجوانب ويمثل فيه الجميع.

ثورة مصر
وأضاف كي مون: الطريق إلى الأمام لن يكون سهلاً، فقد شهدت بلدي كوريا تحولات كبيرة، فبعد عقود من القيادة العسكرية تطورت لتكون احدى الدول الديمقراطية، ومن أقوى الاقتصاديات في العالم.

كنت طالبا بالجامعة، بجانب طلاب آخرين أطالب بتطبيق الديمقراطية، مثل الذي فعلتموه أنتم، وأنصحكم أن تستمعوا إلى الآخرين بما في ذلك من لا تتفقون معهم، وتذكروا أنه لا يتسنى بناء شئ عظيم دون تعاون أو حلول وسط أو أرضية مشتركة.

امتدح أمين الأمم المتحدة المصريين الذين توجهوا للإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء، وكثير منهم قد قام بذلك لأول مرة، في خطوة تمهد الطريق نحو انتخابات حرة نزيهة، ودستور يستند إلى صيانة حقوق الإنسان الأساسية والقانون، مؤكداً ثقته في المصريين الذين سيقومون بوضع حجر الأساس نحو أحزاب حرة وحقيقية، وتحقيق نمو اقتصادي يشمل الجميع، تحت إشراف المجتمع المدني الذي يقوم بالتغيير، وضمان حرية المرأة والأقليات، وصيانة حرية الاعتناق والتجمع.

ولم ينس كي مون تقارير التنمية البشرية الصادرة عن الأمم المتحدة والتي اعتبرها شريكاً تنموياً، عملت كما يقول أمينها على توفير فرص عمل لتحسين الأمن الغذائي وحماية الأفراد من الأمراض، والمشاركة في تطوير المجال التعليمي، والدعوة لتمكين المرأة.

وهو ما يتمناه أيضاُ لكافة المصريين، فالتعليم والصحة ليسوا من الرفاهيات، بل هو حق لهؤلاء الذين عانوا لفترات طويلة، كما يقول.

الثورة العربية

بان كي مون
أكد بان في كلمته أن نجاح المصريين لن يعود عليهم فقط، فمصر قدوة ونموذج، إذا نجحتم هنا فإن سائر الشعوب العربية تستطيع أن تتغير، فرياح التغيير تجتاح هذه المنطقة من العالم، فبداية من تونس إلى مصر، ثم البحرين واليمن.

وأشار إلى حسن طالع مصر التي ابتعدت عن العنف في ثورتها، بعكس ليبيا التي لا يزال وضعها رديئاً، وقد طالب مجلس الأمن الدول الأعضاء باتخاذ كافة الإجراءات لحماية أرواح المدنيين، عبر فرض حظر جوي، من أجل وضع نهاية للعنف.

وعن المرأة تحدث أمبن عام الأمم المتحدة عن ضرورة احترامها، وإعطائها المكانة اللائقة بها، حيث ينبغي إعطائها فرصة أكبر للمشاركة في اتخاذ القرارات السياسية.

يواصل: اتخذت قراراً، بتمكين المرأة من المناصب الرفيعة داخل المنظمة، كما قمنا لأول مرة بإدماج كافة الوكالات المعنية بالمرأة في وكالة واحدة، ترأسها رئيسة الجمهورية السابقة لدولة شيلي.

وأجاب عن سؤال حول دور الأمم المتحدة في تحقيق الأمن والاستقرار للمنطقة، خاصة للقضية الفلسطينية، قائلا أن السلام في الشرق الأوسط يشكل مسألة بالغة الأهمية في سلام العالم كله، ولذلك فإن الأمم المتحدة ومجلس الأمن يدرسان كافة الأوضاع حتى يستطيع الفلسطينيون والإسرائيليون أن يعيشوا جنبا إلى جنب في سلام، وهو ما اتفق عليه الطرفان لكن لسوء الحظ لم يتحقق تقدم ملموس.

مضيفاً: لقد عملت جاهدا للنهوض بالوضع الفلسطيني، وعملت على تحسين الأوضاع المعيشية للفلسطينيين في غزة، فعلينا أن نواجه كل هذه الظروف اللاإنسانية التي تواجه البلاد، وأن تستمر مصر في لعب دورها البالغ الأهمية من أجل السلام.


ومن ائتلاف شباب الثورة تحدث الناشط وائل غنيم عن كيفية إثبات المصريين للعالم أن التغيير يبدأ من الداخل، وليس عبر إملاءات خارجية، فقد دفعنا قمع النظام السابق إلى أن نحقق حلمنا بالعدالة والتسامح والديمقراطية.

والمستقبل هو الذي يشغلنا الآن، ونود الاستفادة من خبرات المجتمع الدولي خاصة في مجالات مثل التعليم والصحة، والتغلب على أي مشكلات اقتصادية قد تواجهنا قريبا، لأن حينها سيفضل الشعب الديكتاتور عن الديمقراطية، فعليكم مساعدتنا كي تنجح الثورة المصرية وتكون مثالا يحتذى به.


وطالب بعض المتحدثين من الحضور بان كي مون أن ينقل رسالة للمجتمع الدولي مفادها أن المصريين لا يسعون إلى الانتقام، بل إلى الإنضمام للعالم، والتمتع بكرامتهم المفقودة، والمساواة مع الدول الأخرى.

لافتاً إلى ضرورة إصغاء منظمة الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية إلى صوت الشعوب، التي أصبحت اليوم هي مركز العالم، فقد تعلمنا أنه عندما تتحدث الحكومات عن شعوبها ينبغي أن نتوخى الحذر!.

لم يكن الإنصات هو المطلب الوحيد من منظمات المجتمع الدولي، بل اتخاذ إجراءات فعالة على أرض الواقع لمساعدة الشعوب التي تحررت قريبا حتى ترسم طريقها الديمقراطي دون خسائر أو معاناة.

وفي النهاية أهدت ابنة محمد الصاوي لأمين عام الأمم المتحدة لوحة تضم أصالة جدران المعابد المصرية القديمة، مع جدران ميدان التحرير، ليختتم الصاوي الحديث قائلا أن الإنسان الحقيقي هو الذي يفكر ويتعلم ويعمل بمسئولية تجاه الجميع.

يذكر أن مكتب منظمة الأمم المتحدة بالقاهرة، اختار ساقية عبد المنعم الصاوى، ليتم فيها لقاء الأمين العام للمنظمة، بان كى مون، بشباب ثورة 25 يناير.

الجمعة، 18 مارس 2011

مقاهي الثورة.. مشاهير وشباب وشهداء



الثلاثاء, 16مارس 2011 12:33



مقاهي الثورة.. مشاهير وشباب وشهداء
كتب- محمد أبوعمرة:

دائما ما تجده يدخن "الشيشة" إما منفردا وإما وسط مجموعة من شباب ثورة 25 يناير على مقهى "التكعيبة" بالقرب من ميدان التحرير، يتناقشون في هدف ومسمى مليونية الجمعة المقبلة، يبدون رأيهم في حكومة الدكتور عصام شرف الجديدة، وينتقلون للحديث عن مقترحات تأسيس أحزاب جديدة من رحم ثورتهم..

كثيرون هم رواد المقاهي الشهيرة القريبة من ميدان التحرير، التي اتخذ منها الشباب مقرا لثورتهم وبعدها، حيث تتميز تلك المقاهي بوقوعها في أماكن حيوية جعلها مركزا لقيادة الثورة، لقربها من ميدان التحرير وموقعها الفريد وسط عدد كبير من النقابات المهنية والأحزاب السياسية التي شارك أعضاؤها في الثورة.

أشهر مقاهي الثوار كانت "التكعيبة" و"الخن"، و"صالح" و"روميسا" بشارع شامبليون، ومقهي "البورصة" التي سميت بذلك لقربها من البورصة المصرية وهي مقر لتجمع صغار المستثمرين بالبورصة نهارا والسياسين ليلا، وهناك مقهي "الندوة الثقافية" التي يلتقي فيها الروائي علاء الأسواني بأصدقائه ومحبيه كل أربعاء للنقاش.

الخن بيتي

وائل توفيق، عضو ائتلاف ثورة 25 يناير وحزب التجمع، يعد مقهى "الخن" بجوار التاون هاوس القريب من ميدان التحرير المكان المفضل له، ففي أيام الثورة دائما ما كان يجلس فيه ليلا هو وأعضاء الشباب التقدمي بحزب التجمع للتشاور فيما بينهم عما ينون القيام به صبيحة اليوم التالي.

يقول: "كانت الخن مكاننا المفضل لشرب الشاي وتدخين الشيشة بعد عناء يوم كامل من التظاهر، فلم أبرح الميدان إلا بعد تنحي الرئيس مبارك، وكانت تلك المقهي هي بيتي ومقر تجمعنا حينما كان ميدان التحرير يزدحم بالثوار".

يحكي تاريخهم أن اتفاقهم على تكوين حركتهم الأشهر بدأ من على مقهى "التكعيبة"، إنهم شباب حركة "6 إبريل"، فالمقهى انبثقت منها الحركة التي دعت إلى إضراب 6 إبريل 2008، وعليه تجلس إسراء عبد الفتاح المدونة والناشطة، وإنجي علي وأحمد ماهر وغيرهم من قيادات الحركة، ومنها أيضا خاضوا معارك متعددة ضد قوات الشرطة واعتقلوا مرات عديدة، وعليها كانت اجتماعاتهم خلال أيام الثورة.

من على مقهى البورصة، يقول أحمد شاهين، وهو أحد شباب الثورة: "كثيرة هي مقاهي شباب الثورة، وعن نفسي فأنا من رواد البورصة منذ سنوات، وخلال الثورة أيضا كانت المكان الذي أذهب إليه مع أصدقائي بين فترة وأخرى، فكانت المكان الذي نرتب فيه أفكارنا ونطرح فيه آراءنا السياسية في التطورات اليومية التي صاحبت الثورة، وظل الحال هكذا حتى بعد تنحي الرئيس مبارك".

شباب ومشاهير

"إذا كنت تنوي ارتياد التكعيبة فعليك حجز مقعدك قبل السادسة مساء"، هذا ما ينصح به "سعيد"، أحد العمال بمقهى "التكعيبة"، مضيفا: "هي ملتقي المثقفين والسياسين سواء كانوا صحفيين أو محامين أو فنانين، والعلاقة بيننا وبينهم علاقة صداقة وود وكثيرا ما نتناقش حول قضايا سياسية ونختلف حولها لكننا أصدقاء، وأغلب زبائن التكعيبة من الشباب، وهناك صحفيون كثيرون منهم ياسر الزيات ووائل عبدالفتاح وخالد البلشي وعبدالعال الباقوري وبهجوري وعصام شيحة وغيرهم، كما أن سالي زهران شهيدة يوم الأربعاء الدامي كانت تجلس هنا على المقهي قبل أن تستشهد بثلاثة أيام، وكانت كثيرة الضحك ويحبها أصدقاءها وأغلبهم طلبة في كلية الفنون الجميلة".

أما صالح صاحب مقهي "صالح "، فيقول: "منذ 25 يناير لم نغلق باب المقهي في وجه الثوار الذين كانوا يجلسون على الأرض لشرب الشاي أو تدخين الشيشة بسبب نقص الكراسي، وهنا شاهدت مشاهير كثيرين منهم الإعلامية بثينة كامل وعمرو الليثي وحسين عبدالغني والفنان خالد الصاوي وعمرو واكد، وكان خالد الصاوي يأتي تقريبا بشكل يومي فقد ظل 18 يوما في الميدان

الخميس، 17 مارس 2011

الطحاوي: كل مثقف شريف لا بد أن ينضم إلى ثورات الشعب العربي

الطحاوي: كل مثقف شريف لا بد أن ينضم إلى ثورات الشعب العربي

صاحبة 'بروكلين هايتس': لا يصح لأي مثقف أن يصمت على ما يحدث الآن للشعب الليبي، وما يتعرض له من تصفية دموية.

أبوظبي ـ من محمد الحمامصي

الشعب يريد إسقاط الفساد

صعدت رواية "بروكلين هايتس" للكاتبة الروائية ميرال الطحاوي إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر العربية)، وفازت بجائزة نجيب محفوظ التي منحتها الجامعة الأميركية للروائية المصرية، فضلا عما حظيت به من احتفاء نقدي كبير منذ صدورها في وقت مبكر من العام 2010 عن دار ميريت.

وهي تتناول قصة "هند" امرأة مطلقة وأم وحيدة مع طفلها البالغ من العمر سبع سنوات، تترك مصر إلى الولايات المتحدة، في رحلة أقرب إلى أن تكون بحثا عن الذات. وتتداخل وتتشابك فيها تفاصيل الذكريات وخباياها مع واقع مدينة نيويورك وأروقة بروكلين.

الطحاوي التي تشارك في أكثر من لقاء في معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الـ 21 للعام 2011، ولدت في محافظة الشرقية لأسرة بدوية من قبيلة الهنادي، وحصلت على شهادة الدكتوراه من جامعة القاهرة عام 2006 واختارت الرحيل إلى الولايات المتحدة لتقوم بالتدريس بإحدى جامعاتها، وصدرت لها روايات "الخباء" و"الباذنجانة الزرقاء" و"نقرات الظباء" إلى جانب مجموعة قصصية "ريم البراري والمستحيل".

• تشكل روايتك "بروكلين هايتس" امتدادا لذات متمردة على آليات القمع الاجتماعية والإنسانية في المجتمع الشرقي تجلت في أعمالك الروائية السابقة "الخباء" و"الباذنجانة الزرقاء" و"نقرات الظباء"، فهل نستطيع القول إن هذا الأمر يشكل مشروعك الروائي؟

** استطيع أن أقول لك بكل صراحة إن جيلنا بالكامل وربما لأجيال سابقة وتالية هو نتاج لهذا القمع، ربما كانت فكرة التمرد أبعد في حياتي بكثير، فمجموعتي القصصية الأولى هي بورتريهات لبطلات انكسرن تحت مقصلة واقع اجتماعي ثقيل، ورسالتي للماجستير كانت عن التمرد في النص القصصي، تمردت في حياتي كثيرا من اليمين لليسار، تمردت مبكرا على أسرتي وتمردت على تجارب الكبار في الكتابة واتخذت مواقف أثارت جدلا، ولا أرى في التمرد عيبا، كنت وما زلت أراه شرفا ورغبة في التحرر، التمرد وعي مخالف وتوق للتغير على مستوى الكتابة والقيم، وأعتقد أن التمرد ضرورة، لأن الكثير من القيم الاجتماعية والثقافية في حاجة لخلخلة وإعادة بناء.

• تقتربين كثيرا في أعمالك وخاصة في "بروكلين هايتس" من قضايا الوعي بالذات والجسد وما تمارسه التيارات السلفية والتشدد الديني في هذا الصدد، فهل برأيك تمثل التيارات الدينية مصدر تهديد حقيقي للوعي الإنساني في مجتمعاتنا؟

** التيار الديني كان موجودا ومرافقا لكل تاريخنا الحديث، مثلت شخصية حسن البنا أسطورة لدى جيلي كانت صورته في مواجهة صور السادات هي ساحة الصراع على مفاهيم الحياة رسمت في "الباذنجانة الزرقاء" هذه الحيرة بين الرغبة في التمرد والخوف منه يصبح الجسد هو الساحة الأولى للتمرد في "بروكلين هايتس" أردت رسم التحولات الدينية على جسد المجتمع المصري، كنت أحاول تأريخ هذا التحول في قرية صغيرة وانعكاساته في مدينة كبيرة مثل نيويورك، اليمن وأفغانستان والخليج والنفط، وكل مما ترك أثره على جسد الوطن.

في الحقيقة علاقتي بالإخوان مربكة مثل كل المصريين من ناحية أنا أراهم جزءا من النسيج الوطني وهم أيضا جزء من حركة النضال الاجتماعي لا يمكن إنكاره لكن بنفس القوة أرفض من حكم تجربتي معهم أن يصبحوا هم القوة الفاعلة في الشارع السياسي، وأحلم مثل الجميع بدولة مدنية حقوق البشر مكفولة بصرف النظر عن اللون والعرق والدين، وأعتقد أن الجدل السياسي الدائر حول ذلك كان أيضا يدور في ذهني وأنا أكتب "بروكلين هايتس".

هذا الخوف من الإسلام السياسي وأسلمة الشارع جزء من مخاوف الجميع شرقا وغربا وهو مأزق حقيقي، لكن رغم ذلك تظل الحركة الإسلامية في كل البلاد العربية جزءا من نسيج العمل السياسي اختلفت أو اتفقت معهم، وهي أيضا التجربة التي انزلق إليها أجيال من الشباب الذين آمنوا بأن الحركة الإسلامية وحدها هي الجهة الفعالة، والتي تملك التغيير وتملك الشارع حتى جاءت ثورة يناير، وأثبتت لنا حميعا أن هناك تغييرا يأتي من قوى وطنية شابة ليبرالية متعددة الاتجاهات، وهذا ما يثير البهجة والأمل.

• أستطيع أن أرى اختلافا على مستوى السرد والرؤية في "بروكلين هايتس" عنه في رواياتك السابقة، لكن مرآة ذاتك ماضيها وحاضرها تجمع بينها وبين أعمالك السابقة، هل تلعب الذات دور الرئيس في تشكيل أعمالك؟

** كتبت "بروكلين هايتس" بعد فترة انقطعت فيها للانتهاء من الدكتوراه، والانشغال بلقمة العيش والسفر والبحث عن عمل بعد مراحل كثيرة في حياتي، وجاء النص معبرا عني بكل تمردي السابق لكنه كان محملا بالأسى، أسى انهزام عميق تشعر به البطلة وهي جالسة في نافذة حجرة بروكلين، وترى العالم من حولها ينادي بالتغيير ويحلم ويأمل، فترتد إليها ذكريات العالم الذي خلفته وراءها ملئ بالقهر والفساد والتعفن، السرد الذي جاء عاكسا للبطلة بكل هذا الانهزام والألم كان خبرة السنوات التي مررت بها، لم أتعمده وإنما نضجت قليلا، وانتقلت لمساحة أكثر رحابة في السرد تلك الرحابة التي هي أحد نعم التشرد والارتحال وغياب الرقيب والتحرر من أثقال الذات والحنين والألم.

• بشكل عام كيف ترين الرواية المصرية لدى الأجيال الأحدث، وهل تحقق إضافة حقيقية لمسيرة الرواية المصرية؟

** بالطبع هم أكثر من قدرة على الحلم والتحقق، أراهم على صفحات الإنترنت أكثر جرأة وشجاعة في مناقشة النصوص ورفضها والتعليق عليها وتقييمها، هذا ما لم نكن نستطيع فعله، وكان لا بد لكل جيلنا أن يحيي الكتاب الكبار ويثني على تجارب السابقين واللاحقين كي يصبح جزءا من هذا العالم الثقافي، وكثيرا ما تعرضت للنقد لمحاولة التعبير عن رأيي عن هذا أو ذاك، فكرة الأبوة الثقافية والسياسية كانت دائما هي المحك والحاجة للنقاد والكتاب الكبار ليدشنوا تجربتك، وتلمس رضاهم جزء من الخراب الذي تركته لنا سنوات الانهزام، أعرف أن الجيل الجديد يكتب ويصنع نقاده وكتابه وقراءه وعوالمه، وهذا ما لم نستطع أن نحققه على الإطلاق.

• هل تدفع الثورة الشعبية المصرية إلى تغيير رؤى الأجيال الجديدة من المبدعين للشعب المصري، حيث كانت رؤاهم تصب جميعها في الإحباط واليأس والخراب والدمار؟

** النصوص الكبيرة تبقى في الحقيقة طوال مدة الثورة، كنت اقرأ لماركيز وفرجاسيوسا، وأشعر أن الكتابة عن الدكتاتوريات إذا استلهمت بعمق هذه الغليان، فقد ينتج موجة من الكتابة الجديدة ليس في مصر فحسب بل في ليبيا وتونس واليمن وكل العالم العربي ستتحول سنوات الحصار والانهزام والمرارة إلى مادة خصبة، وسيتوقف استلهام التاريخ البعيد ويتحول هذا التاريخ الحاضر رافدا حقيقيا للفهم، نحن نحتاج للفهم والرؤية والتحليل والتصالح مع ما حولنا أيضا.

• وما تقييمك لأداء المثقفين المصريين قبل الثورة وبعدها، خاصة أنهم أثناء الثورة لم يُسمع لهم صوت، وبعد نجاح الثورة خرجوا مؤيدين وراسمين لخرائط طريق وليس لخارطة واحدة؟

** لا يستطيع أحد أن يقيم الآن، فالحالة الثورية خليط من رؤى تتناغم وتتعارك، وتتخذ سبلا متعددة وهذا متوقع، البعض يندفع والآخر يتعقل والبعض لا يورط نفسه والبعض يحلم بيوتوبيا، بالطبع ستظل المواقف التاريخية مواقف يحاسب عليها الناس، ولكن المبالغة في المزايدات السياسية، على صفحات الفيس بوك، هناك حراك ثقافي كبير وجارف ومن حق كل قطاعات الشعب أن تحلم وتختلف حول أحلامها بما فيهم المثقفين، فقط علينا أن نحترم الآخر مع الاختلاف.

لكن لا بد لكل مثقف شريف أن يعلن انضمامه وتأييده لكل ثورات العالم العربي وحق الشعوب العربية في حياة كريمة، ولا يصح لأي مثقف أن يصمت على ما يحدث الآن للشعب الليبي، وما يتعرض له من تصفية دموية، لأن هذه شهادة للتاريخ وتبرأ من مجازر، أقول ذلك وأعترف بأنني ذهبت في قوافل المثقفين لفك الحصار عن ليبيا ورغم كل النوايا الحسنة التي ذهبت بها آنداك، فإني أشعر بغصة الألم أني شاركت في مهزلة قوافل التأييد لهذا الديكتاتور الهمجي، المثقف أيضا يخطئ لكن ينبغي أن يعترف بأخطائه ويعتذر عنها.

• نأتي إلى معرض أبوظبي للكتاب والذي تشارك فيه ما يزيد على 50 دولة عربية وإسلامية وغربية وهناك آلاف العناوين الجديدة، كيف تنظرين إليه في دورته الـ 21؟

** في الحقيقة أنا منقطعة عن المعارض والندوات والاحتفاليات منذ سافرت للتدريس في أميركا، وأعرف أن الكثير لن يتغير في حياتنا الثقافية، ولكنني سعيدة بالمشاركة بشكل عام.

• تعمل أبوظبي على تحقيق حضور ثقافي عربي ودولي وتنافس بقوة عبر الكثير من برامجها ومشروعاتها وجوائزها، كيف تقيمين حركتها في هذا المجال؟

** لا أستطيع في الحقيقة تقييم شيء، أنا أعيش منذ مدة طويلة بالخارج وكل مشروع لدعم الثقافة والأدب بالنسبة لي هو مكسب للإنسانية والعالم العربي ونافذة لأفق جديد.

• بصراحة ما هو تقييمك لقيمة ودور جائزة البوكر، وهل استطاعت أن تحرك شيئا في الرواية العربية؟

** لم أكن في مصر كما قلت لك أثناء الدورة الأولى للبوكر، وكنت أتابع الجدل الدائر في الحياة الثقافية حولها، وطوال مسيرتي ككاتبة وهى مسيرة حافلة بالجدل، ما زلت أرى أن الجدل هو حياة وأن الأشخاص والجوائز والكتابات التي لا تثير الجدل لا تصنع حراكا، أنا مع الجدل لأنه دليل وجود، فقط نحلم بمقاييس ومعايير وشفافية للجوائز.

وأعتقد أن الدورة الحالية للبوكر بشهادة الجميع حققت السرية والشفافية، ومها كانت النتائج فأنا أرى الجوائز العربية هي نافذة للغة الواحدة والثقافة الواحدة، ولا بد أن نتعاطى مع الإبداع على انه أرقى من التقسيم الجغرافي والقبلي ولا أوافق على إثارة النعرات الإقليمية، وبصرف النظر عن الفائز فليس من الأخلاق أن نهاجم الجوائز التي تقدمنا إليها بمحض إرادتنا، أقول ذلك لتأكيد احترامنا للجنة الجائزة وعدم تخوين أي مثقف بعد وقبل ظهور النتائج.

أنا سعيدة بترشح روايتي للقائمة النهائية، وهذا شرف يكفيني، وسعيدة أنه يجئ في مجد هذه الأيام الرائعة في تاريخ عملنا العربي الذي لم توحده الأنظمة والثقافة ووحدته الجماهير التي استلهمت نداء واحدا متكررا من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب، الشعب العربي يريد إسقاط أنظمته المستبدة، يريد الحرية والعدالة، لقد وحدتنا لغة الهتافات وتحولت أرض العرب كلها لميادين للتحرير والتحرر.

الجمعة، 4 مارس 2011

'طوق الحمام' تحمل خصوصية روائية سعودية في قائمة البوكر العربية

رجاء عالم: أسعدني صعود 'طوق الحمامة' كتدشين لآلية في الكتابة أحاول تكريسها من خلال أعمالي.

كتب ـ محمد الحمامصي

صورة الماضي توثيقا بالحاضر

تنتمي الكاتبة السعودية رجاء عالم إلى أحدث جيل من الروائيات السعوديات منذ ظهور الرواية في السعودية في النصف الثاني من القرن العشرين، واستطاعت من خلال عدد من الأعمال الروائية المتميزة مثل "ستر"، و"سيدي وحدانة"، و"خاتم"، و"موقد الطير" أن تحتل موقعا مهما على خارطة الرواية العربية، وقد حصدت روايتها "أربعة صفر" جائزة ابن طفيل للرواية من المعهد الإسباني العربي للثقافة في تونس، وفازت عن مجمل أعمالها بجائزة الإبداع العربي لعام 2007، وجاء صعود روايتها "طوق الحمام" ضمن القائمة القصيرة للبوكر العربية ليؤكد خصوصية كتابتها، هذه الكتابة التي تختص بسردية رمزية صوفية / غنوصية عميقة، وفق رؤى كونية مفتوحة.

صعود "طوق الحمام" لم يؤكد خصوصية رجاء وحدها، ولكن يؤكد خصوصية الرواية السعودية أيضا التي بدأت تتشكل ملامحها مع كتاب وكاتبات مثل رجاء وبعض أبناء جيلها، وهذا ما أكدته حين قالت "أسعدني صعود الرواية لا لكونها رواية لرجاء عالم، وإنما كتدشين لآلية في الكتابة أحاول تكريسها من خلال أعمالي، هذا الخط الكتابي الذي يعتمد فتح السدود بين العصور واستلهام التاريخ لقراءة الحاضر واستلهام الحاضر لإعادة قراءة الماضي".

ترسم رجاء في "طوق الحمام" صورة الماضي توثيقا بالحاضر بالنسبة لمعالم مدينة مكة، وتحصرها في زقاق أبوالروس، وتشرح لماذا سمي بهذا الاسم، لأن أربع رؤوس قطعت لرجال أربعة في الزمن الماضي البعيد، كانوا قد استغلوا احتفالات قدوم المحمل المصري الحامل لكسوة الكعبة الجديدة، فتسللوا وسرقوا الكسوة القديمة، وبعد إدانتهم نفذ فيهم حكم الإعدام وصلبوا "رفعت رؤوسهم على حزمة رماح كشواهد ببقعة القبض عليهم" وتتوالى المسميات المكية العريقة تاريخيا، والتي عايشت بعض التحولات الاجتماعية والعمرانية وبروز معالم جديدة واختفاء قديمة لها تجذرها في أعماق المعاشرين لها، فجبل هندي وجبل أبي قبيس، والشامية والقرارة، والفلق وريع الحجون، وجرول، وحارة الباب وغيرها من الأماكن التي تتحرك مع الحروف وكأنها تتكلم.

كما أن الحارات تجيء بالأسماء والألقاب التي تتميز بها بيئة مكة مثل: تيس الأغوات "يهرب مانيكان" ويماثله تيس القرارة، وطاهر كتلوج في المزمار، وأبوعرام، وأم السعد، والعشي "لصحف حشيشة العشي الذي يقرأ ولا يكتب نصف أمي"، وبدت بعض المسميات العامة في حياة الناس كـ "المسروقة" وهي السقيفة عند الشوام، وكانت موجودة في معظم البيوت لتخزين المواد التموينية، ورغم تحديد الأحداث في مكة إلا أن هناك بعض الخروج، وهو من مقتضى السرد والأحداث إلى الطائف ومستشفى شهار وجدة والمدينة المنورة حيث فرضت بعض الوقائع تحرك بعض الشخصيات إلى تلك المدن القريبة من مكة، كتحركات المحقق ناصر إلى جانب الشخصيات التي ترددت أسماؤها كفاعلة ومتفاعلة بالأحداث، معاذ المصور، والكاتب يوسف، وخليل الطيار، ومزاحم البقال، والشيخ داود أبوالمصور معاذ، ومشبب وعائشة، ونورة ورافع، وشخصيات هامشية ولكنها تبرز بمقتضى الحدث.

يقول الناقد د. معجب الزهراني "إن أعمال رجاء عالم الروائية لم تستلهم النص التراثي فحسب بل استلهمت بعض التقنيات الكتابية التراثية، فعلى سبيل المثال نرى رجاء وقد وظفت لعبة الأرقام في كتابتها، أو ما كان يسمى "حساب الجُمل" في البلاغة القديمة، لكن هذا الاستخدام كان مزيجاً من البعد الفلسفي المنطلق من توظيف الرقم الرياضي في النص بوصفه نوعاً من التجريب الكتابي واستحداث أنماط كتابية جديدة موازية للكتابة الأم، وذلك نابع من استلهام القاعدة الفلسفية التي تنطلق منها الكتابة الرقمية والتي تقول: "إن كل شيء هو في النهاية رقم كما قال بذلك الفيثاغوريون، واعتمدت في تبني ذلك على حساب الجُمَّل الذي تتكون حروفه من "أبجد، هوز، حطي، كلمن، سعفص قرشت، ثخذ، ضظغ"، لقد بدأ إدخال تقنية حساب الجمَُّل في الأدب العربي منذ فترات بعيدة، قيل: إنها من العصر الجاهلي، وقيل من العصر العباسي، لكنها فارقت بتوظيف حساب الجمل الطريقة العتيقة، إذ إن حساب الجُمَّل كان يؤتى به للتأريخ للأحداث بذكر اللفظ الذي يعني الحساب بين قوسين، غير أن توظيف حساب الجمل في نص (طريق الحرير) على سبيل المثال قد تم بشكل مغاير، وذلك عبر كتابة العدد الرياضي الذي منه نصل إلى الحرف الأبجدي، والمتأمل لموجة ما بعد الحداثة سيلحظ اهتمامها بالتفاعل مع الأشكال التراثية المهمشة التي خلقت وأوجدت هذا الكسر للقوانين السردية الحديثة، وأعتقد أن كتابة رجاء تنتمي بصورة واضحة إلى هذا التيار".

ويضيف "نصوصها تؤكد ذلك، فمن اللافت أن نجد نصوص رجاء قد كسرت قيود الأجناسية الأدبية بتبنيها ملمح التجاوز للجنس الأدبي وكأنها تؤسس بذلك لنوع آخر من الكتابة المستقلة التي لا تندرج تحت جنس معيّن، ولذا فإنه يمكن عد هذه الكتابة كتابة متحررة من أسر القيود المفروضة على كافة مستويات الكتابة ابتداء من المفردة وانتهاء بقوانين الأجناسية الأدبية، إن عدم الالتزام بتلك القوانين الروائية السائدة قد أوجد نصوصاً تشكلت من الأجناس المختلفة، إلى جانب كونها سنّت قوانين نصية جديدة التزمتها الكاتبة قبل هذا النص في مجموعتها القصصية السابقة (نهر الحيوان)، و(مسرى يا رقيب) ثم (سيدي وحدانه) و(موقد الطير) إن تلك الظاهرة موازية تماماً لما أرادت قصيدة النثر العربية تحقيقه وإنجازه، حيث وصلت في نهاية الأمر إلى إيجاد قوانين ونظم نصية جديدة لها".