الاثنين، 26 ديسمبر 2011

القاهرة تستضيفه بدلاً‮ ‬من السويس‮









طارق الطاهر

طارق الطاهر







ثورة ‮٥٢ ‬يناير موضوع مؤتمر هذا العام
بعد أن تعذر إقامة فعاليات مؤتمر أدباء مصر بمحافظة السويس،‮ ‬وذلك لعدم توافر الأماكن اللازمة لاستضافة‮ ‬أعضاء المؤتمر،‮ ‬ألتقي الشاعر سعد عبد الرحمن رئيس هيئة قصور الثقافة بأعضاء الأمانة،‮ ‬وعرض عليهم أن تستضيف محافظة القاهرة تلك الدورة التي تحمل رقم‮ ‬26،‮ ‬موضحاً‮ ‬أنه قام بعرض الأمر علي محافظ القاهرة الذي رحب بالمشاركة في دعم المؤتمر،‮ ‬كما أكد حرصه علي إقامة هذه الدورة في موعدها قبل نهاية هذا العام،‮ ‬وقد وافق أعضاء الأمانة علي هذا الاقتراح‮.‬
وبناء علي ذلك من تنطلق فعاليات الدورة‮ ‬يوم الأربعاء القادم،‮ ‬وتحمل عنوان‮ (‬سقوط نص الاستبداد‮.. ‬الثقافة والثورة‮ ... ‬مراجعات ورؤي‮.. ‬دورة أمل دنقل‮).‬
يناقش المحور الأول موضوع‮ "‬المثقف والثورة‮"‬،‮ ‬وفيه تطرح تلك الموضوعات للمناقشة‮: "‬الثورة وتفكيك العقل الثقافي العربي‮ ‬تفكيك وتركيب"د.أيمن تعيلب،
‮"‬الثقافة ومقاومة الاستبداد‮..‬في‮ ‬جدل حرية الفكر والتعبير في‮ ‬مصر الحديثة"د‮. ‬عاصم‮ ‬الدسوقي،
‮"‬مدنيَّة الثقافة ومرجعيتها الشعبية"محمد حسن عبد الحافظ‮ "‬المثقف بين المبدأ وإغراء السلطة‮"‬ د‮. ‬عمار علي حسن،في حين‮ ‬يناقش المحور الثاني‮: " ‬الأدب والثورة‮" ‬من خلال الأبحاث التالية‮: "‬نص الثورة تجليات الثورة في‮ ‬شعر العامية"د‮. ‬محمد فكري الجزار،‮ "‬الثورة و أسئلة الشعر‮"‬ محمد الدسوقي،‮ "‬شعارات الثور ة‮ : ‬إبداع متمرد علي تقليدية الأطر"أحمد عنتر مصطفي،‮ ‬أما المحور الثالث فهو عن‮ " ‬المؤسسة الثقافية نحو واقع جديد،‮ ‬ويناقش فيه‮:"‬مراجعة نقدية إدارية لواقع الفساد والاستبداد ثورات متعلقة بالمؤسسات الثقافية العامة في جمهورية مصر العربية عقب ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير‮ ‬2011‮".‬قاسم مسعد عليوة،‮ "‬مراجعة نقدية لواقع المؤسسات‮ ‬غير الرسمية"د‮. ‬أشرف حسن،‮ ‬وعن‮: "‬الثورة والميديا التفاعلية‮" ‬تدور موضوعات المحور الرابع،‮ ‬وفيه‮:"‬مواقع التواصل الاجتماعي والثورة المصرية‮ .. ‬الدوروالآلية"د‮. ‬محمد عبد الحليم‮ ‬غنيم،‮ "‬ثورات معلقة الثورة المضادة من موقعة الجمل إلي مواقع التواصل الاجتماعي‮"‬ د‮. ‬عبير سلامة،‮ "‬السلطة وقنوات الإعلام الاجتماعي‮..‬المراقبة‮ - ‬المنع‮ ‬_‮ ‬الاستخدام‮" ‬أحمد سراج‮.‬
ولأول مرة تقرر أن‮ ‬يشارك كل المدعوين للمؤتمر بأوراق عن محاوره‮.‬
ويواكب المؤتمر ورشة بعنوان التنمية الثقافية في سيناء‮ ‬يشارك فيها،‮ ‬كل من‮: ‬أشرف العناني،حسونة فتحي،‮ ‬سعيد رمضان علي‮. ‬
وتكريماً‮ ‬لاسم الشاعر الراحل أمل دنقل الذي أطلق علي دورة هذا العام‮ ‬يتم طباعة كتاب الجنوبي لعبلة الرويني،‮ ‬وتقام مائدة مستديرة حول أمل دنقل‮ ‬يشارك فيها‮: ‬سعد الدين حسن،عبد العزيز موافي،‮ ‬إضافة إلي جلسة استماع لأشعاره وفيلم تسجيلي عنه‮.‬
كما‮ ‬يكرم المؤتمر‮: ‬من الوجه البحري‮ " ‬منير عتيبة‮"‬،‮ ‬من الوجه القبلي‮ " ‬نعيم الأسيوطي‮"‬،‮ ‬من النقاد‮ " ‬أشرف عطية‮"‬،‮ ‬من الراحلين‮ " ‬نجاتي وهبة‮"‬،‮ ‬من الأديبات‮ " ‬انتصار عبد المنعم‮"‬،‮ ‬من الإعلاميين‮ "‬محمود شرف‮"‬،‮ ‬بالإضافة لتكريم من امانة المؤتمر للشاعر محمد التمساح تقديرا لدوره في ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير بمدينة السويس‮.‬
وتشهد هذه الدورة انتخاب أعضاء الأمانة الجدد من مختلف المحافظات‮.‬
يفتتح المؤتمر د‮. ‬شاكر عبد الحميد وزير الثقافة،‮ ‬د‮. ‬عبد القوي حسن محافظ القاهرة،‮ ‬سعد عبد الرحمن رئيس هيئة قصور الثقافة،‮ ‬فارس خضر الأمين العام للمؤتمر‮.‬
وعن أهمية الموضوع الذي‮ ‬يطرح في مؤتمر هذا العام‮ ‬يقول د‮. ‬صلاح الراوي رئيس لجنة الأبحاث،‮: ‬يهدف عنوان المؤتمر‮ ( ‬سقوط نص الاستبداد‮.. ‬الثقافة والثورة‮.. ‬مراجعات ورؤي‮) ‬إلي معالجة مفهوم الاستبداد وسقوط نصه في ضوء انتفاضة الشعب المصري ثائرا بكل طبقاته وطوائفه ضد استبداد النظام وسعيا إلي المضي في طريق صياغة حاضر تسوده الحرية ومستقبل‮ ‬يصوغه التقدم،‮ ‬وهذه المعالجة تقوم علي استكشاف العلاقة بين الثقافة والثورة من خلال قراءة للواقع ترصد وتحلل بموضوعية،‮ ‬معتمدة نظرة نقدية لموقف المثقف ومقاربته الاجتماعية بتجلياتها المتعددة،‮ ‬والمؤتمر إذا كان‮ ‬ينطلق من فكرة سقوط نص الاستبداد فإنه‮ ‬يجري المراجعات ويطرح الرؤي بوصفه مؤتمرا‮ ‬يقف أمام متغيرين‮ ( ‬الثقافة‮... ‬الثورة‮)‬،‮ ‬إن هذ التحديد لوظيفة موضوع المؤتمر هو الذي‮ ‬يقود بطبيعة الحال إلي تحديد المحاور الجوهرية التي‮ ‬يضييء كل منها جانبا من جوانب الموضوع‮.‬
ويضيف الراوي‮: ‬المحور الأول الأدب والثورة،‮ ‬يناقش الأدب بوصفه تجليا من تجليات الثقافة‮ ‬يعكس بنية المجتمع وجدل الإنسان مع واقعه متمثلا في نصوص‮ ( ‬النص والنص المضاد‮)‬،‮ ‬أما المحور الثاني،‮ ‬المثقف والثورة فيناقش العلاقة الحيوية بين المثقف بوصفه نتاج مجتمع بتراكماته التاريخية والثورة بوصفها فعل تغيير جذرياً،‮ ‬في حين أن المحور الثالث‮ ‬يلقي الضوء علي المؤسسة الثقافية وطرح واقع جديد لها،‮ ‬وهو محور‮ ‬يطمح إلي تقديم تصور تأسيسي لما‮ ‬ينبغي أن تكون عليه طبيعة هذه المؤسسات ودورها وآليات أداء هذا الدور تكريسا للديمقراطية وتخفيفا لقبضة المؤسسة الرسمية ودورها الرقابي الذي عادة ما‮ ‬يحاصر انطلاقة حرية المبدع في تعبيره عن أشواق مجتمعه وتطلعاته،‮ ‬ويكشف المحور الرابع عن علاقة الثورة بالميديا التفاعيلية،‮ ‬وتنوع صيغ‮ ‬التفاعلية من خلال أدوات الميديا الحديثة ودورها النوعي بالغ‮ ‬الحيوية‮ ‬في ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير‮.‬

مؤتمر دولي في دار الكتب

تصادف تزامن انعقاد المؤتمر الدولي الذي تنظمه دار الكتب والوثائق القومية عن »الأرشيف والثورة« مع حدوث كارثة ألمت بتراث مصري يعود إلي القرن الثامن عشر، وهو حريق مدمر أتي علي المجمع العلمي، حيث تم تدمير المبني بما يحتويه، والكارثة الكبري في عدم تأمين المبني وتوثيق ما به من كتب ومخطوطات وخرائط ودوريات، وهذا الحدث الجلل دفع الدكتور محمد صابر عرب، رئيس مجلس ادارة الدار إلي إلغاء حفل الافتتاح الذي كان مقررا عقده بدار الأوبرا مساء الثلاثاء الماضي والإبقاء علي اقامة الفعاليات التي بدأت صباح الأربعاء الماضي واستمرت يومين، تم فيها مناقشة عدة قضايا بدأها د. عماد أبوغازي عن إشكاليات توثيق الثورات، مشيرا إلي أن الثورة حالة استثنائية في المجتمع، وانتاج الوثائق فيها مختلف تماما عن الوضع العادي، حيث تظهر أنواع غير تقليدية يفاجيء بها العامل في الأرشيف العادي، ومن هنا تأتي أشكالية كيفية التعامل معها، ويوضح د. أبوغازي أن الثورة عملية هدم وبناء، وبالتالي يصاحبها هدم وبناء لوثائقها، وضرب مثالاً علي ذلك بالثورة الفرنسية، وكان نتيجتها إنشاء الأرشيف القومي بفرنسا، ومثال آخر في ثورة 25 يناير المصرية وما تم فيها من اقتحام مقار أمن الدولة وتدمير الآلاف من الوثائق والأوراق ومن المحتمل اختلاق وثائق أخري كاذبة فضلا عن وجود آليات متعددة لتوثيق الثورة، ومن هنا نجد إشكالية إعداد عقلية أرشيفية مختلفة لتتعامل في كيفية جمع هذه المادة وتقديمها، وظهور فكرة الموثق المستقل ومهمة الأرشيف القومي في جمع المادة التي يقوم بانتاجها.
وقدم د. محمد عزت أمنة (آداب القاهرة) معالجة لكيفية تخطيط وادارة الكوارث لوثائق وأرشيفات مؤسسات الدولة، وهي تتمثل في تأسيس نظم الحفظ، واجراء عمليات ادارة الوثائق والأرشيفات، ووضع خطط طواريء وادارة أزمات للحفاظ علي هذه الوثائق وأرشفتها.
وكانت التشريعات أحد المحاور الرئيسية لأعمال المؤتمر، فتحدث د. أحمد المصري (آداب بني سويف) عن التشريعات المصرية ودورها في حماية الوثائق، فأوضح أن أماكن حفظ الوثائق هي البدرومات وما بها من رطوبة أو الاسطح فتؤدي إلي تلفاها وفقدها في كثير من الأحيان، وأرجع السبب في ذلك إلي عدم وجود قانون واضح يحدد كيفية التعامل مع الوثيقة في كل مراحلها، وهو ما يؤدي إلي احتفاظ بعض الجهات والأفراد بوثائق لديهم، ما كان ينبغي لهم الاحتفاظ بها، يضاف إلي ذلك عدم معرفة بضع الموظفين ووعيهم الكافي بالقوانين والتشريعات التي تحكم التعامل مع الوثائق، وأخيرا طالب د. المصري بضرورة اصدار قانون جديد للوثائق، خاصة أن القانون رقم 356 لسنة 1954، وهو المعمول به الآن، به الكثير من أوجه القصور، وفي حاجة إلي الكثير من التحويلات خاصة فيما يتعلق بالوثائق الالكترونية، ووضع مواد تلزم المصالح الحكومية بضرورة تسليم وثائقها التي انتهي عمرها الاداري إلي دار الوثائق القومية، مع اعطاء دار الوثائق سلطة تمكنها من ذلك مع وضع سياسات واضحة للاطلاع عليها في هذه المرحلة.
ولفت د. عزت سعد حسان إلي أن الأرشيفات المتطورة لم تعد مراكز لاقتفاء وحفظ الوثائق المكتوبة فحسب، بل أصبحت مستودعات مصرية شاملة تضم الوثائق علي اختلاف أنواعها، وقال د. عزت أن التسجيلات الصوتية من الأشكال غير التقليدية التي تعتمد علي صوت الانسان، وتتميز علي ماعداها بأنها تحمل نوعيات معينة من المعلومات ذات طبيعة خاصة لايمكن لغيرها من الوسائط أن تحملها، مشيرا إلي أنها تتطلب امكانات ومعالجة وتجهيزات فنية غير التي اعتاد عليها الأرشيفيون مع الوثائق التقليدية.
وفي مداخلته ربط الباحث راضي محمد جودة (بدار الوثائق) بين وضع السويس في ثورة 25 يناير، وبين وضع ضاحيتي سيدي بوزيد (تونس) ودرعا (في سوريا)، وتناول الباحث المصادر التي اعتمدت والتي تمثلت في تقارير النيابة، وشهادات الطب الشرعي، وشهادات الوفاة الصادرة عن مكاتب الصحة، وروايات الشخصيات العامة ذات الثقل الثقافي أمثال (الكاتب حسين العشي، كابتن غزالي (في السويس)، وبعض الفيديوهات علي الانترنت، كل هذا ساهم في اصدار كتب عن الثورة في السويس متضمنة مقابلات مع أسر الشهداء.
وقدم د. أحمد عبدالدايم (معهد البحوث الافريقية) عرضاً عن أرشيف الاسلاميين خلال ثمانية عشرة يوما من عمر ثورة 25 يناير، وتقديمه قراءة في البيانات الرسمية التي صدرت عن التيارات الاسلامية في مصر أمثال: الاخوان المسلمون، حزب العمل الاسلامي، الجماعة الاسلامية، السلفيون.
وأكملت د. أمنية عامر (آداب القاهرة) مضامين المادة الارشيفية بأرشيف الصور، فأكدت أن الصورة الفوتوغرافية أصبحت منذ الثمانينيات مصدرا أرشيفيا مهما ومكملا لواقع الأحداث حيث تنوعت المصادر الأرشيفية وتعددت، فلم تعد تقتصر فقط علي الوثائق الورقية وحسب أو الالكترونية التي تم ادخالها علي الحاسب الآلي، وبينت د. أمنية كيف أن الصورة مع غيرها من المصادر تكمل المشهد التاريخي، ورصدت في بحثها اسهام الصورة في توضيح الحدث منذ أن كانت ترسم باليد حتي ظهور الفوتوغرافيا في نهاية القرن الـ 19، وتم توظيفها بشكل خاص في ثورة 25 يناير، حيث لعبت الصورة دورا ثابتا لايمكن انكاره، فمن خلالها تأكدت حقائق وفندت أقاويل واتضح زيف وعدم صحة وقائع، وأكدت د. أمنية أن الصورة الفوتوغرافية كانت فاعلا مهما في تسجيل ثورة 25 يناير، وكذا ملفات الفيديو التي رصدت كثيرا من أحداثها صوتا وصورة.
ومن فلسطين قدم د. قاسم أبوحرب عرضا لأرشيف الحركة الوطنية الفلسطينية الأسيرة في سجون معتقلات الاحتلال، كما شرح د. محمد محمود العناقرة (جامعة اليرموك) الموقف الأردني تجاه الثورة المصرية (25 يناير) من خلال ارشيف الصحافة الأردنية وهي صحف الرأي، الدستور الأردنية، العرب اليوم، وصحيفة الغد الأردنية.
وتناول د. أندرياس كيلوهالس (سويسرا) قضية الأرشيف الفيدرالي السويسري والتعامل مع الماضي، من الترويج إلي التنوير كما تناولت د. بسمة مخلوف شبوح (تونس) قضية الاتاحة كأحد أبعاد جودة الوثائق من أجل مزيد من الشفافية للمعلومات العامة.

أمين معلوف يحصد جائزة الإنجاز الثقافي والعلمي لمؤسسة العويس الثقافية


دبي ـ أعلنت مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية فوز الروائي والكاتب أمين معلوف بجائزة الإنجاز الثقافي والعلمي للدورة الثانية عشرة (2010 ـ 2011).

صرح بذلك عبدالحميد أحمد أمين عام مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، وقال إن مجلس أمناء المؤسسة بعد مداولات واجتماعات عدة ناقش خلالها ترشيحات الدورة والبالغة 162 مرشحاَ قرر منح أمين معلوف الجائزة التي تبلغ قيمتها 120 ألف دولار، لينضم بذلك إلى نادي الفائزين.

وأضاف الأمين العام أن أمين معلوف يمثل ذاكرة خصبة كرسها طيلة أربعة عقود لتعريف العالم بجوانب مهمة من تاريخ الشرق، وعلى وجه الخصوص تاريخ العرب والمسلمين، وقد جاء كل ذلك في أعماله الروائية التي امتازت بالبحث في التاريخ وسلاسة السرد، وقوة الحبكة، وأصالة الإبداع، مما أسهم في الكشف عن أحداث وشخصيات وصراعات شهدتها منطقة الشرق العربي والاسلامي، وكان لها حضورها وتأثيرها في الغرب. كما شكل إبداعه همزة وصل ربطت الشرق بالغرب.

وأشار عبد الحميد أحمد إلى إن أمين معلوف يوجه خطابه إلى القارئ العادي وهو ما أسهم في رواجه بين القراء حول العالم وبمختلف اللغات، فقد أعاد الاعتبار لكثير من الحقائق في هذا التاريخ، كل ذلك من خلال عمل دؤوب في البحث والتقصي ومثابرة لا تكل في التعبير عن رؤاه لهذه الأحداث والشخصيات التي عبر عنها في مجمل أعماله.

أدب المقاومة في روايات نجيب محفوظ....السيد نجم

لقد شغل نجيب محفوظ في حياته ولقرابة الستين سنة, عقول وأقلام القراء والنقاد, حتى يخال لمن يتابع ما كتب عنه أنه لم يعد هناك ما يمكن الكتابة حول أعماله الروائية! وحقيقة المتابعة تشير إلى أن أعماله نبع لا يجف".

ملامح عامة:




شاع استخدام مصطلح "أدب المقاومة" خلال العقود الأخيرة, وهو لا يعنى أن دلالته جديدة ونحت المصطلح من فراغ, سبقه مصطلح "أدب الحرب" و"أدب المعارك" و"أدب أكتوبر" و"أيام العرب", وكلها تتداخل معا للتعبير في بعض الدلالات المشتركة, وان بدت مختلفة في بعض جوانبها وربما قاصرة أيضا, ليبقى مصطلح "أدب المقاومة" أكثر شمولية, ومتضمنا ما سبقه.


يسعى "أدب المقاومة", لتحقيق أهدافه من خلال التركيز على الظروف الصعبة التي يعيشها الناس, وإبراز الآخر المعتدي الذي يسعى لإضعاف قوتهم, وبالتالي يحث على العمل والأمل.


"أدب المقاومة", هام في إزكاء روح المقاومة بالوعي والفهم للقضية التي تدافع عنها, أن تكون عبدا واعيا لعبوديتك, أفضل من أن تكون عبدا جاهلا سعيدا.


"أدب المقاومة", هو أدب الحث على العمل, وأن المقاومة ليست حالة ذهنية, لأنه يعلي القيم العليا بين الناس. وهو ليس التعبير عن صراع "الأنا" الفردية خلال سعيها لتحقيق رغباتها, بل هو للتعبير عن "الأنا" الفردية الواعية بذاتها وذوات الآخرين لتحقيق أهداف مشتركة.


"أدب المقاومة", هو الأدب الذي يرسخ لقواعد الوجود الإنساني الحق في مقابل الحياة التي تقوم على الصراع "العدواني" بدوافع الاقتناء والجشع والهيمنة.


تعريف اصطلاحي: "أدب المقاومة هو الأدب المعبر عن الذات (الواعية بهويتها) والمتطلعة إلى الحرية, في مواجهة الآخر المعتدي, ليس من أجل الخلاص الفردي, بل لأن يضع المبدع: جماعته/عشيرته/قبيلته/دولته/أمته, موضع اهتمامه, محافظا على القيم العليا.. من الخلاص الجمعي" (وضعه كاتب المقال).


فالمقاومة بالمعنى الشامل تتغلغل في سلوكيات الحياة اليومية للأفراد وحتى مواجهات الشعوب. تبدأ بالوعي بالذات وبالآخر وليس إلى نهاية لأنها "المقاومة" تتجدد في أطرها وتشكيلاتها بالوعي واكتساب الخبرات.


لقد تبنى المبدعون الملتزمون ومنهم "نجيب محفوظ" الهدف - أدب المقاومة - ففي وقفة سريعة أمام الرواية العربية وحدها كاف, ويفسر مقولة أن الوعي بالهوية والحرية يولد المعرفة المقاومة المناسبة. فقد شهد النصف الآخر من القرن التاسع عشر, مرحلة ميلاد جنس الرواية بالترجمة والنقل والاقتباس فضلا عن الاجتهاد. توالت الأجيال, وراجت "الرواية", حتى أن المتابع يكاد يخرج بنتيجة أساسية, ألا وهي: أن ميلاد الرواية كشكل أدبي جديد, ولد وترعرع من أجل القضايا العامة والوطن, وقد انشغلت الرواية في مهدها بالاستبداد السياسي, والتحرر من الاحتلال, ونقد الذات, والبحث فى "الهوية".


لم تكن روايات "جورجي زيدان" إلا تأكيدا على إيجابيات التاريخ العربي والإسلامي, حتى بدت الرواية عنده وكأنها تؤرخ لفترة زمنية ما, من خلال حدوتة حب تقليدية, وكانت المرأة دائما رمزا للبطولة والوطن والإخلاص مع البطل "الأنموذج".


كان "فرح انطون" واعيا في حواراته مع الشيخ "محمد عبده" في الدعوة إلى البعد عن التعصب وكره الرذيلة ومحاربتها بالفن الجميل, وهو ما عبر عنه "أنطون" في روايتيه: "الدين والعلم والمال" عام 1903, و"أورشليم الجديدة" عام 1904. وكانا للدعوة المحذرة من الصراع بين الطوائف والطبقات والفئات داخل المجتمع, والا أصبح الهلاك واقعا.































































أما الكاتب "يوسف أفندي حسن صبري" فكتب رواية "فتاة الثورة العرابية" عام 1930, التي جعلت من مذكرات أحمد عرابي أساسا في بناء وتشكيل روايته, مع قصة حب رومانسية للجندي الفلاح القائم على خدمة الزعيم, هذا المزج بين الحب الذاتي وحب الوطن وإبرز فكرة الهوية والتحرر من المحتل مباشرة.


كما كانت رواية "في الحياة قصاص" للكاتب "عبد الحميد البوقرقاصى" عام 1909, وروايتا "محمود خيري" المسماة: "الفتى الريفي" و"الفتاة الريفية" عامي 1903 و1904, أيضا الرواية الشامية "الساق على الساق" للكاتب "احمد فارس الشدياق" عام 1913.. كلها نماذج تدعو إلى تعميق مفهوم الهوية والانتماء والدعوة للتحرر.


ويبدو أن الرواية العربية لم تعط نفسها للكاتب بشكل جيد فنيا, طوال الفترة السابقة للحرب العالمية الأولى, حتى كانت الكتابات الجديدة للرواية على يد "نجيب محفوظ", "حنا مينا", "سهيل إدريس", "فتحي غانم", "محمود المسعدى", "محمد الديب".. وغيرهم.


لعل أهم ملامح أدب المقاومة: التعبير عن الذات الجمعية والهوية.. أدب الوعي والحث على تجاوز الأزمات الشعبية والحروب والاضطهاد والقهر.. الوعي بالآخر العدواني وكشف أخطائه وأخطاره, من أجل المزيد من الوعي بالذات والمواجهة.. أدب إنساني من حيث هو دعوة لتقوية الذات في مواجهة الآخر, وليس دعوة للعدوان.


وتكثر الملامح وتتعدد في روايات نجيب محفوظ, ليس بتعزيز القدرة على مواجهة الآخر فقط, ولكن بتعزيز الذات (الجمعية) وتعظيم عناصر قوتها.


* ملامح "المقاومة" في روايات محفوظ:




.. لقد شيد نجيب محفوظ عالمه الروائي في أعرق أحياء القاهرة‏؛‏ حي الجمالية‏,‏ حيث بقايا العمائر والمساجد والخانات‏,‏ ويصور جو حي الحسين (الشعبي)‏,‏ واستند على استقصاء التحولات السياسية التي حدثت منذ نهاية الأربعينيات خلال وبعد الحرب العالمية الثانية‏,‏ ورصد تحولات العالم وصراعات القوى الكبري ومدى تأثيرها على سياق وتطورات الحياة المصرية‏.‏ واتخذ من الأسرة البرجوازية الصغيرة بؤرة تعكس كل هذه التغيرات بشموليتها السياسية والثقافية والروحية والأخلاقية‏,‏ آخذا في الاعتبار تغيرات طراز المعمار والأزياء والعادات وحتى فنون الغناء المصري‏,‏ لذلك كان أبرع كتاب الرواية المصريين الذين يمكن دراسة تحولات المجتمع وانعكاسها على النص الروائي عنده في معماره وتشكيله وبنائه الأسلوبي ودرامية الأحداث. إن الخاص والعام والجزئي والكلي والنسبي والمطلق في بناء نسق النص الروائي هو موازاة وتجاوز لكلية المتغيرات السياسية والاجتماعية والثقافية‏.


وان بدا ممثلا لمفاهيم المثقف البرجوازي الصغير المتعاطف مع فكر المرحلة الناصرية بعد ثورة 1952‏,‏ يرفع من شأن "الحرية" فى الرأي والتعددية الحزبية ويحترم وجهات نظر الآخرين‏,‏ رافضا الديكتاتورية والنظم الشمولية‏.‏


أما تغيرات المجتمع وانعكاسها على النص الروائي موجود في معظم أعماله الواقعية النقدية والواقعية الرمزية‏,‏ ولعل أبرزها على "زقاق المدق"‏ واكتمالها في "ميرامار" و‏"‏ثرثرة فوق النيل".


وقد تجلى ذلك في اختيار نماذج شخصياته الروائية, ثم رصد الأحداث والملامح السياسية والاجتماعية, وان لزم عدم إغفال حقيقة أن "محفوظ" بدأ كتابة الرواية بأربع روايات من وحى التاريخ المصري القديم, وهي: "همس الجنون", "عبث الأقدار", "رادوبيس", "كفاح طيبة". حيث أبرز بطولات الإنسان المصري العادي البسيط, وليس لتمجيد الملوك وسكان الأهرامات, وهو وحده ما يشي بدلائل انتماءات الكاتب منذ بداياته.


يمكن الإشارة إلى ملمحين في روايات محفوظ للكشف عن البعد المقاوم فيها, وهما اختياراته للشخصيات الروائية, ثم اختياراته للأحداث والوقائع والتصوير المكاني.































































بعض النماذج البارزة لشخصياته: نموذج الحزبي‏.. حيث كان "عيسى الدباغ" صاحب الصولجان والتاريخ النضالي قبل ثورة 52, وقد أزاحوه في التطهير بعيدا عن أي عمل سياسي أو اجتماعي بعد الثورة, تعرف على "ناني" فتاة الليل التي انتهى عندها كل طموحاته وأفعاله داخل محل إقامته البعيد عن القاهرة (الإسكندرية).. رواية "السمان والخريف".


نموذج الشخصية اليسارية‏؛ وقد تكرر في أكثر من رواية, ذلك الذي آمن بكل القيم العليا الرافضة لقهر الإنسان وظلمه, الحالم بالمجتمع المتنامي القادر على إسعاد أهله وناسه, هذا المناضل سقط في يم من الانحطاط بعد عدد من الهزائم, التي بدأت ولم تنته. رواية "القاهرة الجديدة", ورواية "ميرامار".


نموذج السلفي أو الأصولي. واللافت هنا أن محفوظ رصد هذا الأصولي منذ أعماله الروائية المبكرة, مع بيان قدر من تعدد ملامحها وسطوة وجودها في الرواية (المجتمع), وهو ما يحتاج إلى (دراسة خاصة). نشير فقط إلى "عبدالمنعم" في رواية "السكرية" والذي بدأ يساريا ثوريا ضمن الفاعلين في انتفاضة الطلبة والعمال عام 1946.


نموذج الشخصية الانتهازية‏‏. فكان عضو لجنة "الاتحاد الاشتراكي" (التنظيم السياسي بمصر خلال فترة الستينيات والسبعينيات) ذلك المدعى وقد عمل على سرقة المصنع الذي يعمل به, مستعينا بسلطات التنظيم داخل المصنع.


* أضاف محفوظ العديد من الشخصيات (المقاومة) بملامحها وقدرتها الخاصة والمتواضعة, حتى أصبحت دلالة في ذاتها, ومنها: .. "نفيسة" تلك الفتاة الفقيرة في رواية "بداية ونهاية" ويصلح أن نطلق عليها لقب "المموس الفاضلة", حتى أنها تخلص من حياتها بإلقاء نفسها في النهر وانتحرت حفاظا على وجاهة وسمعة أخيها الضابط الذي تربى وتعلم من فيض عطائها. .. "سعيد مهران" ذلك السفاح أو الذي بات سفاحا بفعل أفاعيل الانتهازيين والأحوال الاجتماعية القاهرة, حتى شعرنا بالإشفاق عليه, وتعاطف القارئ معه, في رواية "اللص والكلاب". تلك الرواية التي اعتبرها النقاد نقلة هامة في تاريخ الرواية العربية.


.. "عباس الحلو" الذي عاش في "الزقاق" فقيرا, ذلك الزقاق الذي بدا منعزلا عن العالم, مكتفيا بما فيه, اقتحمه العالم بعد الحرب العالمية الثانية.. فخرج "عباس" ليعمل في "الكامب" أو المعسكر الانجليزي حتى يوفر ما يجعله قادرا على الزواج من "حميدة". قهرتهما الأحداث ولم يلتقيا بعد خروجهما من الزقاق إلا عندما ضاعت "حميدة" في ليل الرزيلة حتى قتلت أخيرا.


.. "عاشور الناجي" وقد بدا في أعمال "محفوظ" الرمزية على أكثر من اسم, فهو الفتوة المدافع عن الحق والحقيقة, مقاوم الظلم والظالمين.


وتتعدد الشخصيات المقاومة, فمنذ نموذج "فهمي" ابن السيد أحمد عبدالجواد في "بين القصرين"‏,‏ وهو نموذج الوفدي المحب لسعد زغلول قائد ثورة ‏1919‏ حتي "عامر وجدي‏"‏ في ‏"ميرامار", ويدعي النقد المتابع أن تلك الشخصيات تعبر عن تجربة وفكر شخص "نجيب محفوظ" نفسه.


* كما تجلت ملامح المقاومة في أعمال محفوظ, رصده للأحداث ونقده المباشر وغير المباشر للواقع المعاش, من خلال الالتفات إلى جزئيات الحياة اليومية. هذا بجانب رصد تغيرات الزمن وانعكاسها على النص الروائي.


‏في رواية "زقاق المدق" مع بدايات العمل رصد الكاتب تخلي المقاهي بالقاهرة عن خدمات الراوية الشعبي الذي يغنى بالربابة, بعد استخدام المذياع, ذلك الاختراع السحري الجديد لتسلية الرواد.‏ كما تجلت مظاهر الخلل في القيم الاجتماعية وفي عادات أهل الزقاق‏,‏ فتواجه أثر ما أحدثته الحرب على معيشة وحياة المصريين نتيجة الحرب العالمية الثانية وأزمات الحكم وتجار السوق السوداء‏,‏ كل ذلك ينعكس علي آليات السرد القصصي وتطور الأحداث وسلوك ومصائر الشخصيات‏.































































كانت الثلاثية في رصدها الكلي لمظاهر الحياة اليومية لأفراد الشعب قبل ثورة ‏1919‏ وحتى أزمات النظام الملكي في‏ 1946.‏ وقد بدأت البرجوازية المصرية في الظهور من خلال عائلة متوسطي التجار‏ (‏السيد عبدالجواد‏), وتابعت أجيالها لترصد مسارات التحولات السياسية والاجتماعية والأخلاقية والثقافية‏,‏ فكان ‏(‏كمال عبدالجواد‏)‏ هو التجلي الجديد للمثقفين الذين التقينا بهم في أعمال توفيق الحكيم‏,‏ وطه حسين‏,‏ ويحيي حقي‏.‏ غير أن همومه لم تكن صراع الشرق مع الغرب قضية الجيل الذي تكون وعيه في حضن الثورة الوطنية ‏1919,‏ لقد حصلت مصر على جزء كبير من استقلالها عام‏ 1936,‏ وتمتعت في ظل الوفد وحكوماته بمراحل من الديمقراطية‏,‏ وتحددت واستقطبت خريطة الطبقات‏,‏ وانعكس التحديث واتساع التعليم والجامعة فأصبحت هموم المثقف المصري في الأربعينيات هي البحث عن طريق‏,‏ وهو الحائر بين المذاهب الفكرية والسياسية‏,‏ الذي يختار الفلسفة والبحث عن الحقيقة جوهرا لحياته وسوف يكون ابن شقيقته‏ (‏خديجة‏)‏ أحمد عاكف الشيوعي امتدادا له‏,‏ ولكنه اتخذ من الصراع الطبقي موقف الماركسي الثوري‏.‏


إن النص الروائي في الثلاثية تركيز وسجل بانورامي موسع للأصداء النفسية والثقافية والأخلاقية لحياة مصر والمصريين.


أخيرا..




لقد تساءل البعض ذات مرة: "الأدب المقاوم: أدب فاعل أم أدب منفعل؟" إذا كان "أدب المقاومة" هو الأدب المعبر عن الذات الجمعية, الواعية بهويتها, المتطلعة إلى حريتها في مواجهة الآخر العدواني.. أي أن المقاومة هي تعضيد الذات الجمعية والبحث عن عناصر قوتها, ثم البحث عن عناصر ضعفها لتلافيها.. وبالتالي الاستعداد لمواجهة الآخر المعتدى.


أدب المقاومة يبدأ قبل ممارسة العنف أو الصراع مع الآخر العدواني. يبدأ بالذات. لذا كان أدب المقاومة معنيا بقضايا: الهوية والحرية والأرض والانتماء وبقضايا الحياة الكريمة للإنسان, وفي جانب منه الاهتمام بالتجربة الحربية.