أشاد الناقد الدكتور جابر عصفور بالراحل الكبير خيرى شلبى، وبإبداعه الذى وصفه بأنه قمة عالية فى تاريخ الرواية العربية، موضحًا أنه تميز بعدة أساليب فارقة، كان من أهمها قدرته التى تفوق فيها على "نجيب محفوظ"، فى الحديث عما سكت عنه "محفوظ"، فلا يوجد عند "شلبى" شىء غير مباح سوى الامتناع عن الكتابة، وأنه لا يباريه فى الحديث عما هو مسكوت عنه إلا "ألف ليلة وليلة".
جاء ذلك خلال حفل التأبين الذى أقامه المجلس الأعلى للثقافة، مساء أمس الأحد، وأعده وأداره الشاعر شعبان يوسف، وحضره وزير الثقافة الدكتور عماد أبو غازى، وصافح الكاتب زين ابن الراحل "خيرى شلبى"، كما شارك عدد كبير من المبدعين والمثقفين، وقدموا شهاداتهم حول "شيخ الحكائين"، وهم الدكتور حسين حمودة، والشاعر أشرف عامر، والفنانة التشكيلية تغريد الصبان، التى تناولت تقنية كتابة "البورتريه" وقدرته على رسم ملامح الشخصية المصرية.
وأوضح "عصفور" أن من الانطباعات النقدية التى تلفت الانتباه أن الصلة بين اللغة الشفاهية التى يتحدث بها "شلبى" والروائية التى يكتب بها صغيرة جدًا وتكاد تنعدم، وتلك المسافة لا توجد إلا عند يوسف إدريس فكلاهما يقدم بلاغة العامية المصرية ويفصحها، وهو موجود بنسبة كبيرة لدى "شلبى".
وأضاف: أما الموضوع الأساسى لـ"خيرى" والذى جعله أكبر روائى فى تاريخ الرواية أنه فتح باب "المهمشين"؛ فلا يوجد من قبله ولا بعده يستطيع أن يفتح هذا الباب ويتناوله بشموله مثلما فعل، وبالرغم من أن هناك من كتب عن الفقراء والريف المصرى، إلا أنه لا يوجد فى تاريخ كتاب الريف من كتب عن قاع القاع بهذه الشفافية، وكأنه يكتب عن حياته، ولا غرابة فى ذلك لأنه عانى كثيرًا مما عانت من شخصياته، ولا أظن أن هناك كاتبًا مصريًا مر بما عايشه "شلبى".
وأكد "عصفور" على أن "شلبى" لم يكن يكتب متعمدًا، مثل الذى يجلس على المكتب، وكان صانع أنماط ممتاز، مضيفًا وإذا كنَّا نتذكر لـ"نجيب محفوظ" شخصية "السيد أحمد عبد الجواد"، فعند "خيرى" سنجد أنماط وشخصيات عديدة تأسرك، وتتذكرها وتستطيع أن تتخيلها وتلمح تفاصيل التفاصيل فى شخصياته الإبداعية، ولا تستطيع أن تحدد البناء الروائى له، مثلما يمكن للناقد أن يحددوا بناء الرواية عند "محفوظ" بالمسطرة، فكان الوحيد الذى يكتب بلا معيار محدد، ولهذا السبب فإن كثيرين من النقاد ابتعدوا عن "شلبى" ونفروا من أسلوبه، ولكنه سيظل قمة عالية جدًا ولو لم يروق للنقاد الأدب الكبير الذى لا يعتمد على المعايير فـ"طظ فى النقاد وليبقى الأدب العظيم الذى لا يطبق القواعد".
ومن جانبه، وجه الكاتب زين خيرى شلبى الشكر لكل من شارك فى تأبين والده، وقال "إن لحظات الرثاء من أصعب اللحظات، ومن المؤكد أن رثاء الوالد أصعب، ولكن الأجمل هى تلك الروح التى تسود بين جميع قراءة ومحبيه وأصدقاء وحالة الود والوفاء، كما أنه لم يكن لدينا إحساس بأن هناك أياما أخيرة فى حياته، وكان فى حالة رضا عن مشواره الطويل والمتعب والقاسى".
وأعلن الدكتور شاكر عبد الحميد، عن اتجاه المجلس الأعلى للثقافة بتشكل لجنة تحضيرية استعدادًا لانعقاد مؤتمر عن شيخ الحكائين فى العام المقبل، يستمر لثلاثة أيام، كما أشار أمين عام المجلس إلى أن كتاب "شلبى" عن عميد الأدب العربى طه حسين سوف يصدر خلال أيام عن المجلس.
وقال الروائى الكبير يوسف القعيد إن القضية التى هو أننا نهتم كثيرًا بالكتاب بمجرد أن يموتوا، ودائمًا ما "خيرى شلبى" لديه إحساس بالظلم، ولكننى لا أعرف لماذا دائمًا نتحدث عن المبدعين بعدما يرحلوا عنا؟ وبمجرد رحيل أحدهم تظهر سماته ومساوئه، وكأننا نعبر عن سعادتنا برحيلهم لأنهم يتركون لنا مساحة نتمدد فيها، داعيًا "لماذا لا نفكر فى طريقة لتكريم الأدباء وهم أحياء بيننا، ونتوقف معهم ونناقشهم وهم أحياء؟
ومن جانبه، أبدى شعبان يوسف استياءه من تعالى الحركة النقدية على شيخ الحكائين، واتهمهم بأنهم مسئولون عن تهميش كثير من الكتاب الكبار، وأن جابر عصفور أحد من ساهموا فى ذلك، مؤكدًا على أن "خيرى شلبى" أهم بكثير من كتاب مصريين كتب عنهم الكثير، وأنه هو من جعل الهامش متن الرواية.
الخميس، 20 أكتوبر 2011
جابر عصفور يمتدح خيري شلبي في حفل تأبينه
مرسلة بواسطة
الشاعرة
في
2:31 م
إرسال بالبريد الإلكتروني
كتابة مدونة حول هذه المشاركة
المشاركة على X
المشاركة في Facebook
0 التعليقات:
إرسال تعليق