بصمات
الناقد د. صلاح فضل: التقليل من شأن الأدب الشعبي يعد جريمة ثقافية واحتقارا لإبداع الشعوب ونبض الواقع.
الإسكندرية ـ نظم مركز الفنون بمكتبة الإسكندرية السبت احتفالية بمناسبة العيد السبعيني لميلاد الشاعر سيد حجاب حضرها الشاعر الكبير ونخبة من النقاد والفنانين والملحنين والشعراء الكبار والشباب؛ على رأسهم الناقد الدكتور صلاح فضل، والشعراء حلمي سالم، وفؤاد طمان، ومحمد فريد أبوسعدة، والفنان عمار الشريعي، والفنان علي الحجار.
وقال الدكتور صلاح فضل إن مكتبة الإسكندرية كرست مبدأ بالغ الأهمية بتكريم الشاعر سيد حجاب، وهو الاحتفاء بما درج على تسميته "الأدب الشعبي"؛ حيث درجت المؤسسات على التمييز الفني بين مستويين من الإبداع؛ رسمي وشعبي، واعتبرت الثاني أقل شأنا من الأول، لافتا إلى أن ذلك التمييز يعد جريمة ثقافية.
وأضاف أن التقليل من شأن الأدب الشعبي هو بمثابة احتقار لإبداع الشعوب ونبض الواقع، مشيرا إلى أن تكريم مكتبة الإسكندرية لرمز من رموز الأدب الشعبي يعدل ميزان تلك الجريمة الثقافية. وأكد أن سيد حجاب استطاع أن يخلق نمطا جديدا من الإبداع، بالتعاون مع الكاتب أسامة أنور عكاشة والفنان عمار الشريعي، تتمازج فيه الدراما والموسيقى؛ منوها إلى أن حجاب قدّم أطرا فنية جديدة لم تشهدها الثقافة العربية.
وأوضح فضل أن ابتكارات سيد حجاب استطاعت كسر الهوة بين الثقافة الرسمية القديمة وتلك الشعبية الحديثة، كما أن إخلاصه لقيم العدالة والحرية ارتفع بمستوى إبداعه لآفاق عالية.
من جانبه، أشار المايسترو شريف محيي الدين؛ مدير مركز الفنون بمكتبة الإسكندرية، إلى أن سيد حجاب قدم تعبيرا فنيا رائعا عن هموم البشر، وهذا ما يحقق أحد الشروط المهمة للإبداع: وهو قدرة الفنان على الخروج عن دائرة ذاته وتجربته الشخصية ليعبر عن الإنسان في كليته.
وألمح إلى أن الكثيرين ربما لا يعرفون أن سيد حجاب بدأ شاعرا فصيحا ثم تحول إلى العامية، ثم انحاز أكثر إلى كتابة الأغنية والأغنية الدرامية والمسرحية والأوبرا، رغبة منه في الاقتراب أكثر من الناس.
ونوّه محيي الدين إلى أنه مما يؤكد التحام سيد حجاب مع البشر تجربة مهمة له مع تقديم الشعراء الشباب إلى القراء، فحين كان في شبابه، قدمه صلاح جاهين لقراء مجلة صباح الخير ضمن باب بعنوان "شاعر جديد يعجبني"، ثم تمضي الأيام ويحرر الشاعر سيد حجاب بابا بنفس العنوان في جريدة "القاهرة" عام 2004 ويقدم من خلاله حوالي 20 شاعرا بعضهم جدد وبعضهم كانوا بعيدين عن الأضواء. كما أن لحجاب تجربة أيضا في تقديم المطربين الشباب الذين نجح بعضهم في استكمال مسيرتهم وأصبحوا من أهم الفنانين المصريين؛ مثل الفنان علي الحجار.
وقال المايسترو شريف محيي الدين إنه عمل مع الشاعر سيد حجاب عملين كبيرين هما: "ميرامار" و"3 أوبرات في ساعة"، إضافة إلى العمل حاليا في أوبرا "السقا مات"، مضيفا أن تلك التجارب هي نقطة تحول كبيرة في تاريخ التأليف الموسيقي المصري المعاصر؛ حيث إنها الأوبرات الوحيدة المكتوبة بالعامية، معتمدة على معطيات الحياة اليومية وتفاصيلها البسيطة؛ نزولا من البرج العاجي الذي ألفت منه أوبرات تاريخية جليلة مكتوبة بالفصحى.
ولفت إلى أن أكثر الجوانب التي تشده في شعر سيد حجاب، هو قدرته على كتابة كلمات مرتبطة بـ "الشارع"، كما أنه ديمقراطي في فنه على خلاف كثير من المبدعين المعروفين بالاستبداد الفني التام، إضافة إلى ديمقراطيته في علاقاته الإنسانية أيضا، منوها إلى أنه رغم اختلاف قناعاتهما الفكرية إلا أنهما لم يفقدا حبهما واحترامهما المتبادل.
وأكد الفنان عمار الشريعي أنه حينما قابل سيد حجاب لأول مرة عام 1977 شعر أنه سيكون هناك تلازم بينهما، مشيرا إلى أن أهم ما يميز شعر حجاب هو موسيقاه الداخلية.
وشدد الشاعر فؤاد طمان، من جانبه، على أن سيد حجاب عاش عمره كله يبحث عن سعادته في سعادة الناس وعن عزته في عزة الوطن، وهو بهذه المسيرة أصبح الامتداد الطبيعي لشعراء الشعب العظام محمود بيرم التونسي، وفؤاد حداد، وصلاح جاهين، على طريق الوطنية والفن والجمال.
وفي ختام الجلسة الافتتاحية قدم الشاعر سيد حجاب قراءات من أحب قصائده إليه وأشهرها بين محبيه، ثم تم عرض الفيلم التسجيلي "بصمات" وهو فيلم وثائقي عنه.
وفي سياق متصل، شهدت الاحتفالية بمناسبة العيد السبعيني لميلاد الشاعر سيد حجاب عقد جلستين أدارهما الشاعران عمر حاذق و محمد خير، قدم خلالهما مجموعة من الشعراء شهادتهم الفنية والإبداعية والإنسانية عن سيد حجاب؛ وهم: محمد فريد أبوسعدة، وجمال بخيت، وخميس عز العرب، ومحمود عبدالصمد زكريا، ومؤمن المحمدي، إضافة إلى الفنان محسن حلمي.
كما تضمنت الاحتفالية حفلا غنائيا لأشعار سيد حجاب لكورال قصر التذوق للموسيقى العربية بمشاركة الفنان علي الحجار، لتقديم قصائد حجاب المغناة، حيث أصر الجمهور على دعوته للصعود للمسرح وقراءة فقرات من شعره بمشاركة الفنان علي الحجار.
0 التعليقات:
إرسال تعليق