الخميس، 13 يناير 2011

رُبَّ مصيبة تفلح.. وستفلح بقلم ماجدة سيدهم




الوجوم تشبث بالوجوه معلق على الجدران على واجهة المحلات في لعب الأطفال في الأسواق ،على أغلفة الكتب وأبواب الامتحانات – الحرج أصاب شارعي المصري بالضيق ،وسكب على الأرصفة اشمئزاز المارة ، وبينما تتوالي التهديدات الشاذة للقاعدة كنت بزيارة للإسكندرية تالي يوم الخيبة ،حين سألت احدهم عن أخبار الجو وكنت اقصد أحوال الطقس فأجابني بعفوية :" الجو زفت " وإذ تعمدت عدم الفهم ، راح يأسف منفعلا لكارثة أعياد رأس السنة: مصيبة وضيعت فرحتنا ومن أول لحظة ، مصيبة فاضحة جدا ، البلد حزينة ، الكارثة طعنتنا جميعا ولن نقبلها تهديدات ، أنا مسلم وابن بلد أوي والكنيسة من تاريخي وتراثي و....و..."


بينما عدت لسابق مقالي -ما أحوجنا إلى استعمار- (موقع الف) إذ سرق شيطان العرافة مطلبي وحل بمصيبته الخرقاء -ليركل ظهورنا العارية بقذفه طرشاء واحدة - يلصقها بكثافات ثلج ومحن و أعباء ويحيلها إلى فجيعة من تراكمات خيبة ووجع وغضب – لكن الاستعمار اخف وطأة من تفشي شيطان الجهل وتعميم السطحية وتغييب العقل ، سانحا الفرصة لتسلل الغباء الأعمى من الخارج للداخل المتعب - ليقذف سم افعاه - سعيا دءوبا ليحيل تاريخ شعب بأكمله إلى باحة للصراع والعنف مغلفة بكل قصاقيص الوهم المخطط بإتقان بأنه هو الصراط المستقيم


بعيدا عن المزيد من الثرثرة ، فالصدمة هنا هي الهراوة التي أثارت غضب الشارع وإدراكه خطورة الكارثة التي طالت أمنه واستقراره ومستقبله وحولتها إلى كتلة من الخوف والقلق المريع ، فإن كنا نثرثر يوما حول ضياع الهوية سيكون الأكبر مصيبة أن نكون بلا وطن أيضا ،


لذا مع تاريخ طويل لشعب له خصوصية التعايش والمسالمة، اثبت الخطاب الديني المتلاحق من كل الاتجاهات فشله بجداره في تحقيق أيه تطور حضاري أو نمو إنساني أو الارتقاء بالفكر والثقافة والفنون وإضفاء روح المثابرة والطموح والعمل وحب الحياة ،ما فلح في غير اتساع الهوة بين الإنسان ونفسه وكل آخر يلتقيه فتمزق الرداء كله وتعرى الجسد الواحد ، ما أجاد غير تشويه الجمال و تكريس كل الجهود وشحذ جل الطاقات والأحلام لغير خدمة بناء المزيد والمزيد من المعابد الشاهقة لتواكب انحدار كل القيم الإنسانية والسعي المضني للقتل والتخريب وترقب مفاجأة من منا سيفوز مؤخرا بتفاح الجنة الشهي ،الآن . الآن يا شعبي وليس بعد - الثقة فيك تتزايد فهو وقت تلاحمنا القوي دونما تردد أو تأجيل


حدث ما حدث وانتهي الأمر، لنلملم نزيفنا إذا فهو وقت التضامن الحتمي و إطلاق صرختنا مدوية للرفض وصد أية محاولة لقصفنا وتدمير الوطن وسحق حلمه وطحن قمحه ليغدو شرابا مريضا لعطشي الدماء ، نحن في حاجة لخطاب إنساني جميل، يحمل لغة التسامح والحب والمواجهة والانتماء للوطن والحياة ، خطاب يعي تماما ويفهم حتمية إعمال العقل والمنطق واحترام واحتواء كل آخر أينما كان - والمبادرة لفعل الجمال ، خطاب يرفض العنف والكراهية ولا يتلفت لأي صوت يأتي بغير صوت الضمير والشفافية ، يقتلع من الجذور أشجارا ونخيلا وخبزا ، لجرعات إنسانية مكثفة لإعادة البناء من جديد - بناء الإنسان كما كان المصري وسيظل ، الوطن لا يبنيه كثرة الكلام والمؤتمرات والتوصيات والدعاء الطويل - الوطن لا يحميه شعارات الأمان وتلاوة نصوص الردع والشجب وحتما وبإذن الله ، الوطن بنيه الإنسان متى أدرك انه بالحقيقة إنسان.- مصر مسؤوليتنا القدرية جميعا ولن تقو عليها أبواب الجحيم ، وكما يتردد الآن بشارعي " الله محبة – الله اكبر " هي صفعة صائبة لمن حاول الاقتراب منا فلتذهب التهديدات بشظاياها إلى الموت السحيق

0 التعليقات:

إرسال تعليق