بان كي مون في ساقية الصاوي |
"لقد تغيرتم ودخلتم في عالم جديد، انتهى عصر وبدأ آخر بعد أن استيقظت روح الشعب، ليصبح هو صوت التغيير لمستقبل مصر"، هكذا بدأ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون كلمته التي وجهها للشعب المصري أمس في ساقية عبدالمنعم الصاوي .
حضر اللقاء عدد من مسئولي الأمم المتحدة والقيادات الدينية من بينهم مفتي الجمهورية الدكتور علي جمعة والداعية الإسلامي عمر خالد ومعز مسعود وعدد من رجال الدين المسيحي من مختلف الطوائف وممثلي المجتمع المدني
أثنى كي مون على ما حدث في ميدان التحرير، وانضمام كافة فئات الشعب إلى الميدان من أجل التغيير، قائلا: ولذلك أعلن من هنا "أننا جميعا مصريون"، وإذا كان الفراعنة قد عملوا على بناء مصر القديمة، فنحن نحن نتطلع إليكم اليوم لتكونوا مصدر إلهام لنا، عبر بناء هرم رابع جديد هو هرم الديمقراطية في العالم العربي.
وعن سبب زيارته للقاهرة يقول الأمين العام أنه أتى لكي يدلل على تضمانه والأمم المتحدة مع شعب مصر، قائلا: " جئت لكي أنصت إلى طموحاتكم وأمانيكم وأستمع إلى قلقكم، حول ما الذي تتوقعونه من الأمم المتحدة أو المجتمع الدولي، من أجل مساعدتكم للوصول إلى الديمقراطية المنشودة".
مطمئناً المصريين أن هذه الديمقراطية مملوكة للشعب وحده، فلا يستطيع أحد التدخل في شئونه الداخلية أو السياسية، وأن دوره فقط من أجل تقديم المساعدة، فالأمم المتحدة لديها خبرات واسعة فيما يخص إجراء الانتخابات، وإعداد الدستور من أجل تحقيق سيادة القانون.
مصر وكوريا
امتدح بان كي مون النصر الذي حققه المصريون، واصفاً إياهم بالشجاعة في مواجهة الظلم والانتصار عليه، والمطالبة باستعادة الحقوق والكرامة المفقودة، مشيراً إلى أن هذا ما حفزه لزيارة مصر للاجتماع معاً حول شعار "من أجل بناء مستقبل أفضل لشعب مصر"، متذكرا أرواح الشهداء ومطالباً بأن يقف الحضور دقيقة حداد.
وأشار الأمين العام إلى اجتماعه برئيس المجلس العسكري المشير طنطاوي، ورئيس الوزراء ومسئولين آخرين، موضحاً أنه طالبهم بالاستماع إلى مختلف أصوات المجتمع، وإنهاء حالة الطوارئ قبل الانتخابات، مؤكدا على ضرورة عقد انتخابات عادلة ونزيهة، طبقا لخريطة طريق متفق عليها مسبقاً، فضلاً عن حوار وطني شامل يغطي كافة الجوانب ويمثل فيه الجميع.
ثورة مصر |
كنت طالبا بالجامعة، بجانب طلاب آخرين أطالب بتطبيق الديمقراطية، مثل الذي فعلتموه أنتم، وأنصحكم أن تستمعوا إلى الآخرين بما في ذلك من لا تتفقون معهم، وتذكروا أنه لا يتسنى بناء شئ عظيم دون تعاون أو حلول وسط أو أرضية مشتركة.
امتدح أمين الأمم المتحدة المصريين الذين توجهوا للإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء، وكثير منهم قد قام بذلك لأول مرة، في خطوة تمهد الطريق نحو انتخابات حرة نزيهة، ودستور يستند إلى صيانة حقوق الإنسان الأساسية والقانون، مؤكداً ثقته في المصريين الذين سيقومون بوضع حجر الأساس نحو أحزاب حرة وحقيقية، وتحقيق نمو اقتصادي يشمل الجميع، تحت إشراف المجتمع المدني الذي يقوم بالتغيير، وضمان حرية المرأة والأقليات، وصيانة حرية الاعتناق والتجمع.
ولم ينس كي مون تقارير التنمية البشرية الصادرة عن الأمم المتحدة والتي اعتبرها شريكاً تنموياً، عملت كما يقول أمينها على توفير فرص عمل لتحسين الأمن الغذائي وحماية الأفراد من الأمراض، والمشاركة في تطوير المجال التعليمي، والدعوة لتمكين المرأة.
وهو ما يتمناه أيضاُ لكافة المصريين، فالتعليم والصحة ليسوا من الرفاهيات، بل هو حق لهؤلاء الذين عانوا لفترات طويلة، كما يقول.
الثورة العربية
بان كي مون |
وأشار إلى حسن طالع مصر التي ابتعدت عن العنف في ثورتها، بعكس ليبيا التي لا يزال وضعها رديئاً، وقد طالب مجلس الأمن الدول الأعضاء باتخاذ كافة الإجراءات لحماية أرواح المدنيين، عبر فرض حظر جوي، من أجل وضع نهاية للعنف.
وعن المرأة تحدث أمبن عام الأمم المتحدة عن ضرورة احترامها، وإعطائها المكانة اللائقة بها، حيث ينبغي إعطائها فرصة أكبر للمشاركة في اتخاذ القرارات السياسية.
يواصل: اتخذت قراراً، بتمكين المرأة من المناصب الرفيعة داخل المنظمة، كما قمنا لأول مرة بإدماج كافة الوكالات المعنية بالمرأة في وكالة واحدة، ترأسها رئيسة الجمهورية السابقة لدولة شيلي.
وأجاب عن سؤال حول دور الأمم المتحدة في تحقيق الأمن والاستقرار للمنطقة، خاصة للقضية الفلسطينية، قائلا أن السلام في الشرق الأوسط يشكل مسألة بالغة الأهمية في سلام العالم كله، ولذلك فإن الأمم المتحدة ومجلس الأمن يدرسان كافة الأوضاع حتى يستطيع الفلسطينيون والإسرائيليون أن يعيشوا جنبا إلى جنب في سلام، وهو ما اتفق عليه الطرفان لكن لسوء الحظ لم يتحقق تقدم ملموس.
مضيفاً: لقد عملت جاهدا للنهوض بالوضع الفلسطيني، وعملت على تحسين الأوضاع المعيشية للفلسطينيين في غزة، فعلينا أن نواجه كل هذه الظروف اللاإنسانية التي تواجه البلاد، وأن تستمر مصر في لعب دورها البالغ الأهمية من أجل السلام.
ومن ائتلاف شباب الثورة تحدث الناشط وائل غنيم عن كيفية إثبات المصريين للعالم أن التغيير يبدأ من الداخل، وليس عبر إملاءات خارجية، فقد دفعنا قمع النظام السابق إلى أن نحقق حلمنا بالعدالة والتسامح والديمقراطية.
والمستقبل هو الذي يشغلنا الآن، ونود الاستفادة من خبرات المجتمع الدولي خاصة في مجالات مثل التعليم والصحة، والتغلب على أي مشكلات اقتصادية قد تواجهنا قريبا، لأن حينها سيفضل الشعب الديكتاتور عن الديمقراطية، فعليكم مساعدتنا كي تنجح الثورة المصرية وتكون مثالا يحتذى به.
وطالب بعض المتحدثين من الحضور بان كي مون أن ينقل رسالة للمجتمع الدولي مفادها أن المصريين لا يسعون إلى الانتقام، بل إلى الإنضمام للعالم، والتمتع بكرامتهم المفقودة، والمساواة مع الدول الأخرى.
لافتاً إلى ضرورة إصغاء منظمة الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية إلى صوت الشعوب، التي أصبحت اليوم هي مركز العالم، فقد تعلمنا أنه عندما تتحدث الحكومات عن شعوبها ينبغي أن نتوخى الحذر!.
لم يكن الإنصات هو المطلب الوحيد من منظمات المجتمع الدولي، بل اتخاذ إجراءات فعالة على أرض الواقع لمساعدة الشعوب التي تحررت قريبا حتى ترسم طريقها الديمقراطي دون خسائر أو معاناة.
وفي النهاية أهدت ابنة محمد الصاوي لأمين عام الأمم المتحدة لوحة تضم أصالة جدران المعابد المصرية القديمة، مع جدران ميدان التحرير، ليختتم الصاوي الحديث قائلا أن الإنسان الحقيقي هو الذي يفكر ويتعلم ويعمل بمسئولية تجاه الجميع.
يذكر أن مكتب منظمة الأمم المتحدة بالقاهرة، اختار ساقية عبد المنعم الصاوى، ليتم فيها لقاء الأمين العام للمنظمة، بان كى مون، بشباب ثورة 25 يناير.
0 التعليقات:
إرسال تعليق