محيي الدين اللباد |
برحيل الكاتب والفنان المصري الكبير محيي الدين اللباد خسر القراء مبدع الكاريكاتير وكاتب الأطفال صاحب البصمة الفريدة والذي ظل ينتج طيلة خمسين عاما بلا هوادة .. السطور التالية تحمل أضواء على حياته وظروف نشأته ورأي الفنانين فيما أنجزه للجمهور .
ولد اللباد عام 1940 في القاهرة، وكان ابنا لأسرة ريفية من قرية "شباس الشهداء" في مركز "دسوق" بمحافظة "كفر الشيخ". احترف فن الكاريكاتير وهو في المرحلة الثانوية؛ ولذلك التحق بكلية الفنون الجميلة في عام 1957 وخالف رغبه أسرته في الإلتحاق بكلية الطب، وتخرج منها في عام 1962 ليعمل رساما كاريكاتيريا في مجلة "روزاليوسف" و"صباح الخير" في تلك السن الصغيرة. وفي منتصف الستينات عمل مصمما ومديرا فنيا للجرافيك في عدد من دور النشر, ثم صمم المشروع الأساسي لـ" كتاب في جريدة" وأشرف على إصداره لأربع سنوات.
سكن اللباد منطقة المغربلين، وكان أبوه أستاذا في الفقه بجامعة الأزهر، والذي كان يصطحبه دوما معه لشراء طوابع البريد من سور الأزبكية، مما جعله يهوى شراء مجلات الأدب والشعر والكاريكاتير والرسم الأجنبية، كما كان متأثرا بكتب العملاق كامل الكيلاني، وربما لهذا السبب اختار هذه المهنة وتعلق بمجال الرسم وأغلفة الكتب التي اعتمد في تصميمها على عناصر فنية من التراث الشعبي العربي، إلى جانب رسومه الكاريكاتيرية السياسية والاجتماعية التي رسخت في أذهان الجمهور.
يقول شيخ الناقد كمال الجويلي: عرفت محي اللباد في بدايته كرسام كاريكاتير في مؤسسة روزاليوسف، صاحب البصمة الخاصة في رسومه التي تتميز بالخطوط الرفيعة المتداخلة في أناقة، كما لو كان يعزف بالقلم والخط، وترتسم هذه الرسوم في ذاكرة الفنانين الذين يشاهدونها لأنها محملة بشحنة إبداعية عالية ، وقد أنجب الفنان فناناً أيضا هو "أحمد اللباد" .
يتابع الجويلي: نجح اللباد كفنان تلقائي تعرف أعماله دون أن تشاهد التوقيع عليها لأن روحه ظاهرة فيها، وكان غزير الإنتاج يرسم لمؤسسات صحفية كثيرة وشهد فترة الستينات مع مؤسسة روزا اليوسف وكانت بقمة نجاحها؛ حيث خرجت وقتها صلاح جاهين، حجازي، حسن فؤاد وكانت حركة البلد نفسها تتيح الفرصة للفنانين لممارسة الإبداع.
أما الفنان الدكتور صلاح المليجي فقال لـ"محيط" : اللباد لدية قدرة كبيرة على تصوير الواقع المصري من خلال الانتقاضات السياسية والاجتماعية، من بينها كاريكاتير شهير له مكون من ثلاثة كادرات، نرى في الأول أحد الأشخاص يلقي خطبة عن الطفولة "إن الطفولة .. "، وفي الكادر الثاني نشاهد طفلا يجذبه قائلا "عمو عمو .. "، فنجد هذا الرجل في الكادر الثالث "يشوط" الطفل ويكمل حديثه عن الطفولة، وهكذا عبر اللباد عن الذين يحسنون الكلام لا الأفعال.
وأشاد المليجي بكاريكاتير اللباد في مجلة "المصور" ويرى أنها "أعمال رائعة" نشرت كل أسبوع في صفحة "أبيض وأسود"، ينتقد فيها السياسة أو الاقتصاد أو الاجتماع، إضافة إلى جهوده في مجال أغلفة الكتاب وبعض الكتب التي صممها بكل صفحاتها كـ"كشكول الرسام" الذي رسمه من الغلاف الأول حتى الأخير.
محيي الدين اللباد |
وقد شارك اللباد في تأسيس دار "الفتي العربي" المتخصصة في نشر كتب الأطفال، كما شارك في عمل سلسلة كتب أطفال صدرت عن دار "المعارف". وعمل مديراً فنياً ومصمماً جرافيكياً للعديد من دور النشر، وصمم العديد من الصحف والمجلات العربية، والملصقات الثقافية. كما شارك كعضو لجنة تحكيم فى عدد من المسابقات المحلية والدولية.
من أهم الكتب التي أصدرها سلسلة كتب "نظر"، والتي تعد مرجعا لمتذوقي الفن التشكيلي والرسوم الكاريكاتيرية وفنون الجرافيك المعاصرة، "مائة رسم وأكثر"، "كشكول الرسام"، "ملاحظات"، "المراهقون فوق سن الحادية عشر"، و"الرسم والتلوين الزيتي"، وتم ترجمة كتبه إلي الفرنسية والإنجليزية والفارسية واليابانية والإسبانية والإيطالية.
شارك أيضا اللباد في عدد كبير من معارض الكاريكاتير ورسوم الكتب والتصميم الجرافيكي. كما قام بالإشراف علي عدة ورش فنية للأطفال والشباب من بينها ورشة "مجاورة"، والتي كانت في مرسمه بمصر الجديدة في عام 2004.
كرم محي الدين اللباد في كثير في معارض كتب الأطفال، و حصل على جائزة التفاحة الذهبية عام 1989 عن كتابه "كشكول الرسام" من بينالي براتسلافا لرسوم كتب الأطفال في سلوفاكيا، كما نال جائزة "الأكتوجون" الفرنسية عن نفس الكتاب الذي صدرت منه طبعات باللغات الفرنسية والألمانية والهولندية، وهو عبارة عن بعض ذكريات بصرية من طفولة الرسام يوجهها إلى الكبار، وبعض اكتشافاته عندما كبر وصار رساماً محترفاً وصانعاً للكتب، فيعود ليوجهها للصغار.
وكان يرسم اللباد قبل رحيله الطبعة العربية من صحيفة "لوموند ديبلوماتيك" الصادرة عن دار "النهار" ببيروت.
0 التعليقات:
إرسال تعليق