| |||||
يا دجلة الخير أدري بالذي طفحت به مجاريك من فوق إلى دونِ | |||||
| |||||
بقلم: رواء الجصاني | |||||
وصلنا إلى براغ، التي فرّ اليها ابن الفراتين من بغداد عبر بيروت، عام 1961 ليحط الرحال أولاً بضيافة أقرانه في اتحاد الأدباء التشيك والسلوفاك لفترة مؤقتة، ثم ليتقدم لاحقا بطلب اللجوء السياسي، حين "لم تكفل له الأوطان دارا" وحين اصطفت بلاده آنذاك "بوماً وأجلت عن ضفافيها، كنارا"... بحسب "ديوان بريد الغربة". ثم يطول الاغتراب ومحنته، وتشتد لواعج الهضيمة من جحود البلاد، وحكامها وحتى بعض أهلها، دعوا عنكم الانشغال بما تتناقله الاخبار والوقائع عن شؤون الوطن وشجون أهله. يا دجلة الخير أدري بالذي طفحت به مجاريك من فوق إلى دونِ أدري بأنك من ألف مضت هدراً، للآن تهزين من حكم السلاطين تهزين ان لم تزل في الشرق شاردة من النواويس، أرواح الفراعين يا دجلة الخير كم من كنز موهبة، لديك في القمقم "المسحور" مخزون لعل تلك العفاريت التي احتجزت محملات على أكتاف "دلفين" لعل يوماً عصوفاً هادراً عرماً، آت فترضيك عقباه، وترضيني وتستمر الحال، بل وتقسو الاحداث، ونقول المآسي ولا نخاف، وذلك بعد انقلاب عام 1963 الدموى العاتي. فيُنتخب الجواهري رئيسا للجنة الدفاع عن الشعب العراقي، التي اتخذت من العاصمة التشيكية براغ مقرا لها، مشاركا في العديد من فعالياتها التضامنية مع العراق المحتل بعثياً. وقد كتب ما كتب تخليدا لكواكب الضحايا، وانتصارا للحركة الوطنية المقارعة للإرهاب ونيوب الجلادين. ومن بين القصائد الغزيرة في تلكم الفترة: "بغداد دارة المجد"، و"سلاما إلى أطياف الشهداء الخالدين"، و"قلبي لكردستان"، و"ايه شباب الرافدين"، و"بريد الغربة". وقد كان الأرق في كل هذا وذالك وبينهما، نديماً أول، وربما أوحد، لشاعر الأمة العراقية في غربته الاضطرارية. مرحباً: يا أيها الأرقُ ... فرشت أنساً لك الحدقُ لك من عينيّ منطلق، إذ عيون الناس تنطبق لك زاد عندي القلق، واليراع النضو والورق ورؤى في حانة ِ القدر، عتقت خمراً لمعتصِرِ خفقت من حولي السرجُ .. في الربى والسوح تختلجُ ومشى في الظلمة البلجُ، وقطار راح يعتلجُ بضرام، صدرهُ الحرجُ، فهو في القضبان ينزلج وكأنغام على وتر، سُعلاتٌ ذبن في السحِرِ وفي عام 1968 يعود الجواهري إلى العراق بعد انقلاب جديد وعد أصحابه البلاد والعباد خيرا. وتجددت له رئاسته لاتحاد الأدباء، وقد سعى من خلال سلطته الثقافية والاجتماعية، وشعره، ومواقفه التنويرية، للإسهام في محاولة تهجين السلطة، وحزبها وقياداتها، أو تأجيل انقضاضها مجددا على مصائر الوطن وأهله. وعلى تلكم الحال ظل طوال أعوام، وحتى أواخر السبعينيات – أوائل الثمانينيات، ليعود، وبعدما تكشفت مكامن الغدر، وافتضحت مزاعم وادعاءات زعامات الدكتاتورية القمعية، إلى المهجر البراغي من جديد، مترفعاً غاضباً، ومجلجلا في قصائد عديدة، وان اتخذت في بعضها طابع الهموم الخاصة. ونوثق هنا لأمثلة مما كتبه في هذه الفترة ومنها: "شوقا جلال" و"ويا ابن الجنابي" و"برئت من الزحوف" و"بغداد" و"صاح قلها ولا تخف". وكذلك مطولته "يا ابن الثمانين" ومما جاء فيها من دفوعات عن الذات الجواهرية: كم هزّ دوحَك من قزم يطاوله فلم ينلهُ ولم تقصر ولم يطلِ وكم سعت امعاتُ ان يكونَ لها ما ثارَ حولك من لغوٍ ومن جدلِ ويحل العام 1983 لينتقل الجواهري إلى الشام ضيفا – سياسيا - لدى الرئيس الراحل حافظ الأسد، وحتى حيان الرحيل المؤسي عام 1997. مع التأرخة هنا إلى أن الشاعر الخالد كان يتخذ من براغ مضافة أخرى، مناصفة مع الشام، حتى عام 1991. ذلك إلى جانب تلبيته ومشاركته في العديد من الفعاليات الثقافية المهمة والزيارات الرسمية، ومن بينها - على ما ندري- إلى بولندا وليبيا والإمارات والسعودية ومصر وإيران والأردن، حيث مُنح في بعضها أوسمة وجوائز تكريمية رفيعة. وهكذا دامت عقود المنافي والمهاجر الجواهرية ثلاثة، غاضبا ومغاضبا، ثائرا، ومنورا طوالها، ما استطاع إلى ذلك سبيلا، بل ومشاركاً في الرأي والموقف والكلمة الهادرة، من أجل تحرير البلاد من القبضات الدموية، وعلى طريق النهوض والارتقاء. |
الأحد، 19 ديسمبر 2010
توثيق آخرعن مغتربات الجواهري ومهاجره
مرسلة بواسطة
الشاعرة
في
2:03 ص
إرسال بالبريد الإلكتروني
كتابة مدونة حول هذه المشاركة
المشاركة على X
المشاركة في Facebook
0 التعليقات:
إرسال تعليق