بقلم /فاطمة الزهراء فلا
أولاً : شعر العامية
هو شعر يعبر عن أحلام الغلابة وطموحاتهم ,هروب إلي أرض الواقع اليومية , سمة التواجد بين الناس وترجمة ما يقولون إلي شعر بعيد عن الزخرفة الفنية والبلاغة اللغوية القديمة ।
لكن شعر العامية في مصر كان واعياً بدوره ورسالته النقدية والإصلاحية وكان أبرزها أشعار الشيخ الشربيني صاحب "هز القحوف " وهي صورة تعكس فقدان الوعي "
بالحقوق لدي الفلاحين نتيجة لتفشي الجهل والخوف وهي تعكس أيضا مكانة الفلاح المصري زارع الأرض
فيقول:
أبو شادوف من يومه مجتمعي شبيه الجرو بيتنطط بقـوة
أبوه اليوم شيخ الكفر قاعد ـحدا الصـراف وراســه جنب حــدوده
وهي بالتأكيد مفارقة بين حالة القرية وأهلها وحال أهل البندر الذين يمتلكون القوة إلي درجة أن شيخ الكفر يجلس في مذلة وانكسار بجوار حدوة فرس أحد العسس أو الجباة/ الصرافين
هذه المقدمة ما هي إلا حصيلة لقراءة في ديوان "أمي قالتلي كده" للشاعر محمود عبد الحفيظ عن سلسلة أدب الجماهير الذي يشرف عليها فؤاد حجازي
ويبدو أن هذه السلسلة كان لها دور كبير في إفراز عناصر شعرية أثرت في ساحتنا الإبداعية ولولاها ما كنا رأينا هذا الإبداع
والديوان يحتوى علي اثنين وعشرين قصيدة عامية يبدأها بقصيدة " افتتاحية " وفيها ينعي الأشياء التي ضاعت في زحمة الحداثة فضاعت منه الحدوتة والأبريق والسجادة
تقول :
صعبان علي البيت وعزبة الحواديت
صعبان علي ابريق وسجادة
فكلمة صعبان ... كلمة تشير إلي الندم والحسرة بعد أن يحل بالإنسان موقف يحيل نفسه المحبة للحياة إلي خراب نفسي وهنا أتذكر أغنية لأم كلثوم تقول فيها
صعبان علي جفاك بعد إللي شفته في حبك
وغالباً كلمة صعبان تدل علي التحول الشديد من شيء إلي نقيضه ....نأتي إلي قصيدة أخرى أعجبتني بعنوان
حداثة .. ثم تبعها بكلمة قلة أدب
تقول ... واحد يا دوب لسه بيتهجي الحروف
ويا دوب يفرق بين جمل ماشي وخروف
فيكلمك عن مستجدات السياسة والأدب
صورة نقدية واضحة للفذلكة والحذلكة الأدبية والجهل الذي يسود طبقة المثقفين فتتسع الهوة بين ما يكتبون وبين من يتلقي هذه الفذلكة فتركد كتبهم في سوق الأدب فيصرخون .. لا أحد يقرأ ويمكن ملاحظة أن هذه القصيدة بها بعد وطني صارخ بأن الوطن لم يعد به ثقافة بل اختفت وتوارت بفعل الحداثة
ومع الديوان يتضح تطور التجربة الفنية لشعر العامية لكثرة من يكتبون بها لتواجدها بين الناس في الشاعر والأغنيات التي تملأ البيوت فنسوا القصائد الفصحي .
في قصيدة عصافير .. وحديثه يوجهه إلي مصر الساكنة في ضلوعه وقلبه حين يبكي الرجال ويطلب منهم أن يحبسوا دمعاتهم وهو يعلم أن الموجه عاليه بالفعل وهنا ندخل في إيقاعات عالية الأداء ما بين أمر .. صونوا .. وتعليل في لكن ... إنه يحتفي بالغناء وسعيد به حين يعود بيرم وحجاب وما بعدهم .
وهذه الدلالات أسهمت بشكل كبير في تطور صورة الوطن التي استفادت من طابع التشكيل والتنوع الدلالي والجمالي فليس من الضروري أن يشير الشاعر إلي مصر مباشرة وهي تتواري في دموعه المحبوسة وعصافيره المشنوقة وبكاء الرجال.
ولا أدري ما الذي أوصل شعراء العامية إلي هذه الألفاظ
قلة أدب .. قلة حيا
حين يقول :
وأنت إللي طايح في الجميع
وكأن كل الدنيا صيف .. وأنت الربيع
والحقيقة أن هذا المعني يشير إلي حالة مصر فالمعني سياسيا ناضجاً بلا تواري
ولا احتماء باللفظ .
ولننظر إلي هذا البيت الذي يصور مصر متاهة وغابة يضيع فيها كل أهلها وحالة الحكام وغياب شفافية الأنظمة الحاكمة وجعل الناس تنسحق تحت ركام متطلباتهم اليومية .. لكننا نجد أن الشاعر ذاب تماماً مع القصيدة حين اتهم من اتهمه بأنه لم يعد يهتم بأي فئة من الشبان ولا مداحين ولا فلاحين ولا شتامين والقصيدة افتقدت إلي التفكير وجاءت مباشرة صريحة .
ونأتي إلي قصيدة صبر الحلم وفيها يقول:
بالك طويل يا بلد
... يارب عقبى لي
أحط حملي ويخلــي من الهموم بالي
وأعيش أحبك سفينة فــي ضلام الليل
في بحر واسع قوى .. أبعد من حبالي
إن هذا البعد الوطني الذي حمله اسم مصر لا يعني تواري أو اختفاء هذا الاسم وراء مفردة أخرى " الوطن " إلا في وقت متأخر بعد انتشار معني الوطن الكبير الذي يدل علي عموم الوطن العربي أحيانا لكنه في أكثر الأحيان يصبح مرادفا لاسم مصر مثله مثل مرادفة أخرى " البلد" التي ترد أحيانا في هذا السياق .
وفي هذه الشطره بالذات :
وكل من شال قلم
... حبر القلم طيرى
طيري اللي طاير بيسقي الكل من خيري
وهنا الصورة الشعرية نابعة من ذاته فكانت لها بكارتها وطزاجتها ولحن شجي مل التكرار فحركة الطيران هنا تدل علي الاستمرارية ثم حالة الهم التي يعيشها الشاعر ولسانه الذي نشف .. وكفته الفاضية وحالته المضنية لكن نفسه عفوفة مهما جاعت لن تطلب .
لكن باحبك يا وطن / تديني مرة / وخمسين مرة تمنعني / لكن مسيرك يوم حتشوف وتسمعني /
ورغم هذا التوتر بين الابتعاد والهجر والشوق والحنين والعذاب يدل ذلك علي عدم فقدان الأمل حين يغني في الشط تكفيني لقمة / يكفيني الرضا / حامد وشاكر / وسامع الدنيا بتغني دعوة رائعة لحب الحياة والقناعة وعدم الحقد علي الآخرين إنه الدفء والمشاعر الجميلة حين تخرج من قلب الشاعر ..
لا نحسد الجاهل ولا الجربوع / نضحك ونحمد ربنا .. من مشكلة حالة من التناغم ربطت بين قصائد الديوان .. علي عكس بعض قصائد الشباب في دواوينهم الجديدة التي تأتي علي عجالة فيستمد الشاب إبداعه من فضائيات الانترنت واللغة السريعة واللمحة العجلة والصورة الشعرية الرامزة الموجزة المقتضبة .
نعود إلي قصائد محمود عبد الحفيظ في قصيدة "أمي قالت لي كدا" وهي القصيدة الرئيسية في الديوان والتي وضعت علي الغلاف .. ما تستحي من قوة اللى يبرطع بك / سنين بتوصل في حبله / وهو يقطع بك أمي قالت لي / بلاه .. يغور بخيره وبلاه / وإن كان قمر فى علاه / تحرم عليه المودة / والدعا والصلاة . وهي قصيدة صعبة تدخلك تجرح كيانك كعربي حين
تقول .. وطفل في حضن أبوه طخوه عشان العرب في سما الهرب علامات .
والقارئ للقصيدة العامية الجادة يتيقن أنها حققت ميراثا كبيرا في المنطقة العربية وقد حققت قصائد شوقي اختراقات نافذة بجانب أشعار بيرم التونسي وشعر العامية اليوم ينبض بأوجاع الأمة وآلامها وأشواكها فظهر في المشهد الشعري فؤاد حداد وفؤاد قاعود وصلاح جاهين ولا شك أن نزوح شريحة كبيرة من الشعراء الجدد لنظم شعر العامية هو امتداد لهذا التراث
أمي قالت لي كده .. علامة خطر في الديوان فأمة مصر قالتها بصراحة تعبان ولابد في شقوق الخوف / مستني ياخد الأمان / يهدي الجميع ../ اسمه / تمد ايديك تصالحه / تاخده ..وتلمه؟
وداس تاريخك / وخلاك نقطة في تاريخه.
كلام اصطف ليكون أغنيات تغزونا وتنكأ جروحنا ولعل وصول شعر العامية للناس لاذاعته كأغنيات يحفظها لكن ما يعيب شعر العامية هو غياب حركة نقدية مواكبة له وهو مسئولية النقاد .. وفي ديوان أمي قالت لي كذا سنجد أن المستوي في الحديث العامي غير الشعر وقد جاء الشاعر بكلمات قديمة علي لسان أمي – الجاني والقاضي – الخروف – ظرف الجواب .. ظرف البندقية – لكن جاء كلمتين – جربوع .. متنيلة ..الهبل .. تخرجني سياق القصيدة ، من هنا جاء الإبداع العامي مستويات فهناك لغتان للغة العامية الشعبية واللغة الراقية فمثلا صلاح جاهين في الرباعيات شيء وفي الليلة الكبيرة شيء آخر .
ومحمود عبد الحفيظ أعجبني في قصائد وخذلني في قصائد أخرى أمي قالت لي : البشر / زي الزمن يا بني / تفرح بهم فى الحاجات السهلة يتلموا .. هذا الكلام العادي المحفوظ . ساعة الشدة ما تلاقيهم وساعة الخير يتلموا .. وهذا الشاعر يحفظ تراثه جيداً صلاة النبي – والبير – والقمقم – دبور زن – الكتكوت – كسيح هو شاعر سافر عند البحر واحتضن الموج وجلس عند قدمي أمه واستقي منها التجربة والأمثال .
أولاً : شعر العامية
هو شعر يعبر عن أحلام الغلابة وطموحاتهم ,هروب إلي أرض الواقع اليومية , سمة التواجد بين الناس وترجمة ما يقولون إلي شعر بعيد عن الزخرفة الفنية والبلاغة اللغوية القديمة ।
لكن شعر العامية في مصر كان واعياً بدوره ورسالته النقدية والإصلاحية وكان أبرزها أشعار الشيخ الشربيني صاحب "هز القحوف " وهي صورة تعكس فقدان الوعي "
بالحقوق لدي الفلاحين نتيجة لتفشي الجهل والخوف وهي تعكس أيضا مكانة الفلاح المصري زارع الأرض
فيقول:
أبو شادوف من يومه مجتمعي شبيه الجرو بيتنطط بقـوة
أبوه اليوم شيخ الكفر قاعد ـحدا الصـراف وراســه جنب حــدوده
وهي بالتأكيد مفارقة بين حالة القرية وأهلها وحال أهل البندر الذين يمتلكون القوة إلي درجة أن شيخ الكفر يجلس في مذلة وانكسار بجوار حدوة فرس أحد العسس أو الجباة/ الصرافين
هذه المقدمة ما هي إلا حصيلة لقراءة في ديوان "أمي قالتلي كده" للشاعر محمود عبد الحفيظ عن سلسلة أدب الجماهير الذي يشرف عليها فؤاد حجازي
ويبدو أن هذه السلسلة كان لها دور كبير في إفراز عناصر شعرية أثرت في ساحتنا الإبداعية ولولاها ما كنا رأينا هذا الإبداع
والديوان يحتوى علي اثنين وعشرين قصيدة عامية يبدأها بقصيدة " افتتاحية " وفيها ينعي الأشياء التي ضاعت في زحمة الحداثة فضاعت منه الحدوتة والأبريق والسجادة
تقول :
صعبان علي البيت وعزبة الحواديت
صعبان علي ابريق وسجادة
فكلمة صعبان ... كلمة تشير إلي الندم والحسرة بعد أن يحل بالإنسان موقف يحيل نفسه المحبة للحياة إلي خراب نفسي وهنا أتذكر أغنية لأم كلثوم تقول فيها
صعبان علي جفاك بعد إللي شفته في حبك
وغالباً كلمة صعبان تدل علي التحول الشديد من شيء إلي نقيضه ....نأتي إلي قصيدة أخرى أعجبتني بعنوان
حداثة .. ثم تبعها بكلمة قلة أدب
تقول ... واحد يا دوب لسه بيتهجي الحروف
ويا دوب يفرق بين جمل ماشي وخروف
فيكلمك عن مستجدات السياسة والأدب
صورة نقدية واضحة للفذلكة والحذلكة الأدبية والجهل الذي يسود طبقة المثقفين فتتسع الهوة بين ما يكتبون وبين من يتلقي هذه الفذلكة فتركد كتبهم في سوق الأدب فيصرخون .. لا أحد يقرأ ويمكن ملاحظة أن هذه القصيدة بها بعد وطني صارخ بأن الوطن لم يعد به ثقافة بل اختفت وتوارت بفعل الحداثة
ومع الديوان يتضح تطور التجربة الفنية لشعر العامية لكثرة من يكتبون بها لتواجدها بين الناس في الشاعر والأغنيات التي تملأ البيوت فنسوا القصائد الفصحي .
في قصيدة عصافير .. وحديثه يوجهه إلي مصر الساكنة في ضلوعه وقلبه حين يبكي الرجال ويطلب منهم أن يحبسوا دمعاتهم وهو يعلم أن الموجه عاليه بالفعل وهنا ندخل في إيقاعات عالية الأداء ما بين أمر .. صونوا .. وتعليل في لكن ... إنه يحتفي بالغناء وسعيد به حين يعود بيرم وحجاب وما بعدهم .
وهذه الدلالات أسهمت بشكل كبير في تطور صورة الوطن التي استفادت من طابع التشكيل والتنوع الدلالي والجمالي فليس من الضروري أن يشير الشاعر إلي مصر مباشرة وهي تتواري في دموعه المحبوسة وعصافيره المشنوقة وبكاء الرجال.
ولا أدري ما الذي أوصل شعراء العامية إلي هذه الألفاظ
قلة أدب .. قلة حيا
حين يقول :
وأنت إللي طايح في الجميع
وكأن كل الدنيا صيف .. وأنت الربيع
والحقيقة أن هذا المعني يشير إلي حالة مصر فالمعني سياسيا ناضجاً بلا تواري
ولا احتماء باللفظ .
ولننظر إلي هذا البيت الذي يصور مصر متاهة وغابة يضيع فيها كل أهلها وحالة الحكام وغياب شفافية الأنظمة الحاكمة وجعل الناس تنسحق تحت ركام متطلباتهم اليومية .. لكننا نجد أن الشاعر ذاب تماماً مع القصيدة حين اتهم من اتهمه بأنه لم يعد يهتم بأي فئة من الشبان ولا مداحين ولا فلاحين ولا شتامين والقصيدة افتقدت إلي التفكير وجاءت مباشرة صريحة .
ونأتي إلي قصيدة صبر الحلم وفيها يقول:
بالك طويل يا بلد
... يارب عقبى لي
أحط حملي ويخلــي من الهموم بالي
وأعيش أحبك سفينة فــي ضلام الليل
في بحر واسع قوى .. أبعد من حبالي
إن هذا البعد الوطني الذي حمله اسم مصر لا يعني تواري أو اختفاء هذا الاسم وراء مفردة أخرى " الوطن " إلا في وقت متأخر بعد انتشار معني الوطن الكبير الذي يدل علي عموم الوطن العربي أحيانا لكنه في أكثر الأحيان يصبح مرادفا لاسم مصر مثله مثل مرادفة أخرى " البلد" التي ترد أحيانا في هذا السياق .
وفي هذه الشطره بالذات :
وكل من شال قلم
... حبر القلم طيرى
طيري اللي طاير بيسقي الكل من خيري
وهنا الصورة الشعرية نابعة من ذاته فكانت لها بكارتها وطزاجتها ولحن شجي مل التكرار فحركة الطيران هنا تدل علي الاستمرارية ثم حالة الهم التي يعيشها الشاعر ولسانه الذي نشف .. وكفته الفاضية وحالته المضنية لكن نفسه عفوفة مهما جاعت لن تطلب .
لكن باحبك يا وطن / تديني مرة / وخمسين مرة تمنعني / لكن مسيرك يوم حتشوف وتسمعني /
ورغم هذا التوتر بين الابتعاد والهجر والشوق والحنين والعذاب يدل ذلك علي عدم فقدان الأمل حين يغني في الشط تكفيني لقمة / يكفيني الرضا / حامد وشاكر / وسامع الدنيا بتغني دعوة رائعة لحب الحياة والقناعة وعدم الحقد علي الآخرين إنه الدفء والمشاعر الجميلة حين تخرج من قلب الشاعر ..
لا نحسد الجاهل ولا الجربوع / نضحك ونحمد ربنا .. من مشكلة حالة من التناغم ربطت بين قصائد الديوان .. علي عكس بعض قصائد الشباب في دواوينهم الجديدة التي تأتي علي عجالة فيستمد الشاب إبداعه من فضائيات الانترنت واللغة السريعة واللمحة العجلة والصورة الشعرية الرامزة الموجزة المقتضبة .
نعود إلي قصائد محمود عبد الحفيظ في قصيدة "أمي قالت لي كدا" وهي القصيدة الرئيسية في الديوان والتي وضعت علي الغلاف .. ما تستحي من قوة اللى يبرطع بك / سنين بتوصل في حبله / وهو يقطع بك أمي قالت لي / بلاه .. يغور بخيره وبلاه / وإن كان قمر فى علاه / تحرم عليه المودة / والدعا والصلاة . وهي قصيدة صعبة تدخلك تجرح كيانك كعربي حين
تقول .. وطفل في حضن أبوه طخوه عشان العرب في سما الهرب علامات .
والقارئ للقصيدة العامية الجادة يتيقن أنها حققت ميراثا كبيرا في المنطقة العربية وقد حققت قصائد شوقي اختراقات نافذة بجانب أشعار بيرم التونسي وشعر العامية اليوم ينبض بأوجاع الأمة وآلامها وأشواكها فظهر في المشهد الشعري فؤاد حداد وفؤاد قاعود وصلاح جاهين ولا شك أن نزوح شريحة كبيرة من الشعراء الجدد لنظم شعر العامية هو امتداد لهذا التراث
أمي قالت لي كده .. علامة خطر في الديوان فأمة مصر قالتها بصراحة تعبان ولابد في شقوق الخوف / مستني ياخد الأمان / يهدي الجميع ../ اسمه / تمد ايديك تصالحه / تاخده ..وتلمه؟
وداس تاريخك / وخلاك نقطة في تاريخه.
كلام اصطف ليكون أغنيات تغزونا وتنكأ جروحنا ولعل وصول شعر العامية للناس لاذاعته كأغنيات يحفظها لكن ما يعيب شعر العامية هو غياب حركة نقدية مواكبة له وهو مسئولية النقاد .. وفي ديوان أمي قالت لي كذا سنجد أن المستوي في الحديث العامي غير الشعر وقد جاء الشاعر بكلمات قديمة علي لسان أمي – الجاني والقاضي – الخروف – ظرف الجواب .. ظرف البندقية – لكن جاء كلمتين – جربوع .. متنيلة ..الهبل .. تخرجني سياق القصيدة ، من هنا جاء الإبداع العامي مستويات فهناك لغتان للغة العامية الشعبية واللغة الراقية فمثلا صلاح جاهين في الرباعيات شيء وفي الليلة الكبيرة شيء آخر .
ومحمود عبد الحفيظ أعجبني في قصائد وخذلني في قصائد أخرى أمي قالت لي : البشر / زي الزمن يا بني / تفرح بهم فى الحاجات السهلة يتلموا .. هذا الكلام العادي المحفوظ . ساعة الشدة ما تلاقيهم وساعة الخير يتلموا .. وهذا الشاعر يحفظ تراثه جيداً صلاة النبي – والبير – والقمقم – دبور زن – الكتكوت – كسيح هو شاعر سافر عند البحر واحتضن الموج وجلس عند قدمي أمه واستقي منها التجربة والأمثال .
0 التعليقات:
إرسال تعليق