التعريف بالمترجم وإغفال المؤلف
كيف تتجلى 'الفرويدية' في أشهر الروايات الدرامية؟
الجسماني يترجم كتابا جديدا يسعى للمؤالفة ما بين الادب والمسرحيات التراجيدية والتحليل النفسي.
ميدل ايست اونلاينبيروت – من جورج جحا الكتاب قيم دون شك وفيه خدمة لكثير من قراء العربية وغنى في المعلومات عن الموضوع الذي يتناوله وان كان مركزا على وجهة نظر محددة هي "الفرويدية"، لكن القاريء قد يشعر خلال قراءته بضيق.
وهذا الضيق ربما بدا للقارىء في شكل معين هو ان فيه كثيرا من التعتيم على المؤلف وتسليط لاضواء ساطعة وربما مبهرة على المترجم المحقق وهو شخصية اكاديمية ذات مستوى دون شك. لكن ذلك يعزز بل يفرض ضرورة الحديث عنه وعن الكتاب بموضوعية.
اما الكتاب فحمل عنوان "اشهر الروايات الدرامية العالمية ودوافعها النفسية" اعداد الدكتور عبد العلي الجسماني. هذا كل ما حملته الدفة الاولى لغلاف الكتاب وما تلاها من عنوان داخلي.
أما الدفة الثانية فقد حملت عنوان الكتاب مرة اخرى وبأحرف اصغر من احرف العنوان الاول وتحت ذلك "اعداد. د. عبد العلي الجسماني". وبعد ذلك مقتطفات لا يدرك القارىء الا اذا قرأ الكتاب هل هي لدار النشر ام انها من كلام المؤلف الذي لم يذكر اسمه حتى الان ام انها لمعد الكتاب.. وهي له فعلا كما سنكتشف لاحقا وكما سنكتشف معه ان الاعداد هنا يعني الترجمة اساسا مع اضافة معلومات وشروح.
صدر الكتاب عن "الدار العربية للعلوم ناشرون" في 247 صفحة كبيرة القطع.
وقد جاء في الكلام الذي حملته دفة الكتاب تلك تعريف بالعمل وفيه "يسعى الكتاب للمؤالفة ما بين الادب وما يبحثه من مسرحيات تراجيدية وبين علم النفس عامة والتحليل النفسي خاصة. واذ وجد ان التراجيديات الانسانية لا يمكن فهمها على نحو اوفى الا اذا استكشف الكاتب الوشائج النفسية الوثيقة التي تقوم عليها اية مسرحية تراجيدية لتستشف بواعثها ودوافعها ولتكون في نفس المتلقي افعل.
"فالمواءمة اذن بين الادب وعلم النفس ضرورة لازمة وتستدعي ضلاعة وبراعة من لدن الباحث في اي من هذين المجالين المتلازمين. ذلك ان وشائج الادب بعلم النفس بدأت تتنامى على نحو لافت قبل الربع الاخير من القرن التاسع عشر... فالادب يعكس هموم الانسان وكل ما له وما عليه في الحياة وعلم النفس وما ينبثق عنه من تحليل نفسي يبحثان في كينونة وما في نسيج تكوينه المعقد من امال ومشاعر وتطلعات ورغبات ودوافع ونوازع.
"وقد استشعر الادب اكتشافات علم النفس فراح هو الاخر يتحرى عما في كينونة هذا الانسان من خوالج نفسية وخواف في ذاته فهدف العلمين المشترك كان واحدا هو.. ما حقيقة الانسان.."
بعد هذا الكلام شبه المدرسي ننتقل الى المحتويات وقبل كل موضوع تمهيد توضيحي للدكتور الجسماني. ومما فيها "يوروبيدس وتراجيديا ديونوسيوس" ثم "ستراندبرج ودراما الصراع المر" وبعد ذلك "هارولد بنتر الحائز على جائزة نوبل في دراما جذور العلاقة وأواصر النسب".
تبع ذلك "يونسكو والخواء والامتلاء" ثم "مسرحية مارا ديساد والبوهيمية تتنزى" اعقب ذلك "اورست في الدراما اليونانية" وبعده "الحداد يليق بالكترا" ثم "ت.اس. اليوت.. اورست في الدراما الحديثة" اما الفصل العاشر الذي تلاه فجاء عنوانه "اورست في رداء دراما حديثة" وتلاه "تجسيد جديد لالكترا في مسرحيتي شكسبير وابسن". اما الفصل الذي اعقبه فقد جاء عنوانه "نتائج ختامية استنتاجات" ثم "مصادر الكتاب".
اما الفصل الاخير فكان عنوانه "السيرة الذاتية والعلمية للمؤلف العراقي الجسماني" وقد ورد القسم الاول منها في ست صفحات ابتداء من دراسته الابتدائية في بغداد وصولا الى شهادة الدكتوراه في علم النفس التي نالها في بريطانيا مع ايراد مفصل للوظائف التي تولاها والمؤتمرات العلمية التي حضرها وسائر الانجازات. وهو الان "استاذ متمرس في علم النفس". تلا ذلك "من الانجازات العلمية للدكتور الجسماني" وفي ذلك بابان "اولا.. مبتكرات" وفيها ثلاث دراسات بالانجليزية و"ثانيا.. كتب مؤلفة ومترجمة" وتحت هذا العنوان الفرعي ما يزيد على 40 عنوانا.
العنوان التالي كان "دراسات أنجزت تحت اشرافه" وفيها خمس دراسات ثم "بحوث ميدانية موسعة منشورة" وتحت ذلك نحو 15 عنوانا. اما ما تلا ذلك فقد كان عن بحوث ومقالات وأحاديث اذاعية وغيرها.
الى هنا ونحن ما زلنا نتحدث عن الدكتور الجسماني. ثم خمس صفحات اضافية عن "الانجازات العلمية للدكتور عبد العلي الجسماني" ومنها "موسوعة القران وعلم النفس" و"موسوعة القران وعلوم الانسان.. مناهج وافاق". يضاف الى ذلك ايضا "المبتكرات" و"المؤلفات العلمية الاخرى" و"المترجمات العلمية" و"كتب انجزت تحت اشرافه" وبحوث ميدانية موسعة منشورة وأيضا بحوث ومقالات وأحاديث اذاعية الخ.
فلننتقل الان الى البدايات فلعلنا نعرف شيئا عن هذا المؤلف "المجهول" الذي ترجم له الدكتور الجسماني وأعد. نعود الى "تمهيد توضيحي بقلم الدكتور عبد العلي الجسماني" فنكاد نصرخ "يوريكا" او " وجدتها" كما صرخ ارخميدس. لقد ورد اسم المؤلف بطريقة تكاد تكون هامشية ودون تعريف كاف به وبانجازاته خاصة اذا قسنا الامر بالصفحات الاحدى عشرة التي تحدثت عن مؤهلات وانجازات الدكتور الجسماني.
وربما خالج القارىء شعور بأن هناك تخمة في التعريف بالمترجم المعد وشبه تجهيل طاول المؤلف وبأن الامر ليس منصفا وانه "ما هكذا تورد يا سعد الابل" كما قيل قديما.
نقرأ في التمهيد المذكور "متضمنات هذا الكتاب تعتبر اهم الروايات الدرامية العالمية وأشهرها لحد الان. اختارها الدكتور باتريك روبرتس مؤلف الكتاب بعناية ودراية فهو ضليع في الادب الانجليزي وبخاصة على اطلاع جم في ما يتعلق بدراما التراجيديات العالمية عبر تاريخها المتواشج بصورة عامة" وترد بعد ذلك الكلمات التي حملها غلاف الكتاب.
اعقب ذلك "مدخل مهم" يستنتج القارىء انه للمؤلف روبرتس. اما من هو روبرتس فيبدو اننا لن نعرف شيئا او شيئا كافيا عنه من خلال عمله القيم هذا الذي حمل الدكتور الجسماني على تعريبه، فليعوضنا الله عن ذلك بهذا الكثير الذي عرفناه عن الدكتور عبد العلي الجسماني.
0 التعليقات:
إرسال تعليق