الأحد، 29 أغسطس 2010

أزمة محسن شعلان

أزمة جديدة تشهدها وزارة الثقافة هذه الأيام،‮ ‬عنوانها‮ ( ‬سرقة لوحة زهرة الخشخاش في عز الظهر‮) ‬من متحف محمد محمود خليل وحرمه،‮ ‬اللوحة التي تقدر قيمتها ب60‮ ‬مليون دولار،‮ ‬والتي سبق سرقتها في السبعينيات،‮ ‬وتم استعادتها مرة أخري،‮ ‬وحينها تم التشكيك في أن اللوحة التي عادت‮ ‬ليست هي اللوحة الأصلية،‮ ‬ولكن بمرور الأيام تأكد أن اللوحة الموجودة في متحف محمود خليل لوحة أصلية،‮ ‬فقد شاركت منذ فترة في مهرجان بإيطاليا،‮ ‬وقدر مبلغ‮ ‬تأمينها ب60‮ ‬مليون دولار،‮ ‬مما يدل علي أصليتها‮.‬
وقائع الأزمة،‮ ‬التي تحولت إلي قضية تشغل حاليا الرأي العام وسلطات التحقيق،‮ ‬حدثت عندما بدأ العاملون بمتحف محمود خليل،‮ ‬اتخاذ إجراءات‮ ‬غلق المتحف ظهر السبت‮ ‬21‮ ‬أغسطس،‮ ‬فاكتشفوا وجود برواز اللوحة فقط،‮ ‬أم اللوحة ذاتها فاختفت،‮ ‬رغم أن محضر
الفتح لم يشر إلي اختفائها،‮ ‬مما يدل علي أن اللوحة سرقت في الفترة ما بين فتح وغلق المتحف‮. ‬
في هذا اليوم كان زوار المتحف‮ ‬11‮ ‬شخصا من جنسيات‮: ‬روسية،‮ ‬إيطالية،‮ ‬أسبانية،‮ ‬وطالبة مصرية،‮ ‬ووقت اكتشاف السرقة كان الأسبان لا يزالون في حيز المتحف،‮ ‬فتم تفتيشهم،‮ ‬ولم يجدوا معهم اللوحة‮.‬
وبعد أن تأكد المسئولون عن المتحف من سرقة اللوحة،‮ ‬تم إبلاغ‮ ‬الفنان محسن شعلان رئيس قطاع الفنون التشكيلية،‮ ‬الذي تولي إبلاغ‮ ‬وزير الثقافة،‮ ‬وسارع‮ ‬الأخير بالاتصال بالجهات المعنية لاتخاذ التدابير التي تحول دون تهريبها خارج البلاد،‮ ‬كما اتخذ سلسلة من الإجراءات القانونية،‮ ‬منها تحويل عدد من المسئولين في القطاع إلي النيابة الإدارية،‮ ‬وأصدر الوزير‮- ‬أيضا‮- ‬قرارا بوقف الزيارة بمتحف محمود خليل لحين انتهاء التحقيقات‮.‬
وكادت الأزمة أن تنفرج عندما صدر بيان من وزارة الثقافة يشير إلي القبض علي إيطاليين في مطار القاهرة وبصحبتهم اللوحة،‮ ‬لكن مالبث أن صدر بيان آخر علي لسان فاروق حسني جاء فيه‮: ( ‬صرح وزير الثقافة فاروق حسني بأن المعلومات التي ذكرت مؤخرا عن استعادة لوحة زهرة الخشخاش للفنان فان جوخ وردت من قبل رئيس قطاع الفنون التشكيلية الفنان محسن شعلان،‮ ‬حيث أبلغه بذلك في اتصال تليفوني،‮ ‬وقال الوزير أنه رغم تأكيد الفنان محسن شعلان له باستعادة اللوحة،‮ ‬إلا أنه اتضح أن هذه المعلومة‮ ‬غير دقيقة،‮ ‬ولم تتأكد حتي الآن من الجهات المختصة،‮ ‬حيث ما زالت الاجراءات مستمرة لمعرفة ملابسات الحادث لاستعادة اللوحة‮).‬
هذه هي المرة الثانية التي تتعرض فيها اللوحة للسرقة،‮ ‬المرة الأولي عام‮ ‬1978،‮ ‬ولكنها عادت وسط تشكيك في أنها اللوحة الأصلية،‮ ‬ووصل هذا التشكيك مداه،‮ ‬عندما كتب يوسف إدريس في جريدة الأهرام مقالا عام‮ ‬1988،‮ ‬ذكر فيه أن اللوحة الأصلية بيعت في لندن بمبلغ‮ ‬43‮ ‬مليون دولار،‮ ‬وأن اللوحة الموجودة بالمتحف مزورة،‮ ‬ولكن خروج اللوحة وعرضها في الخارج والتأمين عليها ب60‮ ‬مليون دولار،‮ ‬يثبت أنها أصلية‮.‬
تحقيقات النيابة‮:‬
وقد تولت النيابة العامة التحقيق مع عدد من المسئولين بوزارة الثقافة،‮ ‬واستمعت إلي شهادة فاروق عبد السلام وكيل أول الوزارة المشرف علي مكتب الوزير،‮ ‬الذي وجه إتهاما مباشرا لمحسن شعلان بالاهمال والتقاعس عن أداء مهام وظيفته،‮ ‬خاصة في ظل صدور تفويض من وزير الثقافة له يسمح له باتخاذ القرارات الكفيلة بحماية المتاحف،‮ ‬وأن قرار إغلاق المتحف لوجود عطل في الكاميرات وأجهزة الإنذار يدخل في صميم عمله،‮ ‬وقدم فاروق عبد السلام مستندات تثبت وجهة نظره،‮ ‬وهو الأمر الذي لم يستسلم له محس شعلان في التحقيقات،‮ ‬حيث نفي وجود أي مسئولية تقع عليه،‮ ‬وأنه لم يقصر في أداءعمله،‮ ‬وكشف عن وجود مخاطبات بين وزارة الثقافة والتخطيط،‮ ‬من أجل توفير مبلغ‮ ‬40‮ ‬مليون جنيه لتطوير وتحديث أنظمة الحماية بالمتحف،‮ ‬ولكن هذا المبلغ‮ ‬لم يتم توفيره،‮ ‬فتدخل وزير الثقافة وقرر أن يخصص صندوق التنمية الثقافية مبلغ‮ ‬20‮ ‬مليون جنيه،‮ ‬وأكد أنه بعد توفير المبلغ‮ ‬قرر إسناد مهمة التطوير للمقاولين العرب بالأمر المباشر،‮ ‬بعد موافقة رئيس الوزراء،‮ ‬وأوضح أن هناك شركة أمن خاصة تتولي الإشراف علي تأمين المتحف،‮ ‬وبرر تأخره في‮ ‬غلق المتحف لحين الانتهاء من تدبير مكان آمن لتشوين اللوحات،‮ ‬وهو مخازن الجزيرة،‮ ‬التي انتهي العمل فيها في وقت قريب‮.‬
محسن الذي استدعي للنيابة في نفس يوم وقوع حادثة السرقة ذهب بمفرده،‮ ‬ومعه فقط محامين من الشئون القانونية بالقطاع،‮ ‬ولكن عندما شعر أن هناك اتهامات ستوجه له،‮ ‬بدأت أسرته في الاتصال بعدد من المحامين،‮ ‬ووقع اختيارها في البداية علي محامي شهير طلب‮ ‬300‮ ‬ألف جنيه لحضور التحقيقات،‮ ‬ومباشرة القضية،‮ ‬ولما كان الأمر مبالغاً‮ ‬فيه،‮ ‬أجرت الأسرة اتصالات بعدد آخر من المحامين،‮ ‬حتي وافق د‮. ‬سمير صبري علي حضور التحقيقات،‮ ‬التي طالب فيها باستدعاء وزير الثقافة‮.‬
القضية تنحصر الآن في سؤالين رئيسيين،‮ ‬هما‮: ‬من المسئول عن قرار إغلاق المتحف؟ والسؤال الثاني‮: ‬من الذي تقاعس عن إصدار قرار الغلق،‮ ‬رغم الحالة المتردية للمتحف،بالإضافة‮ ‬لأسئلة أخري كثيرة،‮ ‬فجرتها زيارة بالإضافة النائب العام المستشار عبد المجيد محمود‮ ‬إلي موقع الحادث‮ ( ‬متحف محمد محمود خليل وحرمه‮) ‬فقد أدلي بعد معاينته للمكان بتصريحات صحفية كشف فيها عن سلبيات خطيرة كانت وراء سرقة اللوحة،‮ ‬منها أن المتحف يضم‮ ‬43‮ ‬كاميرا منها‮ ‬36‮ ‬كاميرا معطلة تماما،‮ ‬و7‮ ‬تعمل بكفاءة‮ ‬غير كاملة،‮ ‬فضلا عن أن كل لوحة بالمتحف مركب بها جهاز إنذار،‮ ‬إلا أن جميع الأجهزة معطلة ولا تعمل،‮ ‬وتبين كذلك أن محاضر إثبات مقتنيات المتحف التي تتم كل يوم وهمية،‮ ‬وأشار النائب العام إلي أن إجراءات الأمن‮ ‬غير كافية للحفاظ علي ثرواتنا الفنية،‮ ‬وأن هذا الوضع يهدد كل مقتنيات مصر بالسرقة والضياع،‮ ‬إذا استمر تكرار نفس السلبيات‮.‬
وقد قرر النائب العام حبس محسن شعلان أربعة أيام علي ذمة التحقيق ومعه عدد من أفراد الأمن،‮ ‬بينما تم إخلاء سبيل مديرة المتحف ووكيلته وعضوة بلجنة فتح المتحف بكفالة مالية،‮ ‬وبعد الأربعة أيام قرر قاضي المعارضات‮ ‬حبسه‮ ‬15‮ ‬يوماً‮.‬



0 التعليقات:

إرسال تعليق